responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 107
(بَابُ جَوَازِ ذَلِكَ بَيْنَ الْبُنْيَانِ)
86 - (عَنْ ابْن عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «رَقِيتُ يَوْمًا عَلَى بَيْتِ حَفْصَةَ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حَاجَتِهِ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَة)
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَرَقَّى مِثْله وَرَقِيَ غَيْرُهُ الْمِرْقَاةَ وَالْمِرْقَاةُ: الدَّرَجَةُ، وَنَظِيرُهُ مِسْقَاة وَمَسْقَاهُ وَمِثْنَاةٌ وَمَثْنَاهُ لِلْحَبْلِ وَمَبْنَاة وَمِبْنَاةٌ لِلْعَيْبَةِ أَوْ النِّطْع يَعْنِي بِفَتْحِ الْمِيم وَكَسْرهَا فِيهَا، قَالَهُ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْح التِّرْمِذِيِّ.
قَوْلُهُ: (عَلَى بَيْتِ حَفْصَةَ) وَقَعَ فِي رِوَايَة (عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا) وَفِي أُخْرَى: (عَلَى ظَهْرِ بَيْتِنَا) وَكُلّهَا فِي الصَّحِيح.
وَفِي رِوَايَة لِابْنِ خُزَيْمَةَ: (دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ فَصَعَدْتُ ظَهْرَ الْبَيْتِ) وَطَرِيق الْجَمْع أَنْ يُقَالَ: أَضَافَ الْبَيْتِ إلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَاز لِكَوْنِهَا أُخْته وَأَضَافَهُ إلَى حَفْصَةَ؛ لِأَنَّهُ الْبَيْتُ الَّذِي أَسْكَنَهَا فِيهِ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ مَا آلَ إلَيْهِ الْحَالُ؛ لِأَنَّهُ وَرَّثَ حَفْصَةَ دُونَ إخْوَتِهِ لِكَوْنِهِ شَقِيقهَا. الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى جَوَازِ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ.
وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ، وَرَأَى أَنَّهُ نَاسِخٌ، وَاعْتَقَدَ الْإِبَاحَةَ مُطْلَقًا. وَبِهِ احْتَجَّ مَنْ خَصَّ عَدَمَ الْجَوَازِ بِالصَّحَارِيِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَنْ خَصَّ الْمَنْعَ بِالِاسْتِقْبَالِ دُونَ الِاسْتِدْبَارِ فِي الصَّحَارِي وَالْعُمْرَانِ، وَمَنْ جَوَّزَ الِاسْتِدْبَارَ فِي الْبُنْيَانِ وَهِيَ أَرْبَعَة مَذَاهِب مِنْ الْمَذَاهِب الثَّمَانِيَة الَّتِي تَقَدَّمَتْ، وَلَكِنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الدَّلِيلَ بِاعْتِبَارِ الثَّلَاثَةِ الْمَذَاهِبِ الْأُوَل مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ أَخَصُّ مِنْ الدَّعْوَى.
أَمَّا الْأَوَّلُ مِنْهَا فَظَاهِرٌ. وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ الْمُدَّعِيَ جَوَازَ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ فِي الْبُنْيَانِ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيث إلَّا الِاسْتِدْبَارُ. وَأَمَّا الثَّالِثُ؛ فَلِأَنَّ الْمُدَّعِيَ جَوَازَ الِاسْتِدْبَارِ فِي الصَّحَارِي وَالْعُمْرَانِ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيث إلَّا الِاسْتِدْبَارُ فِي الْعُمْرَانِ فَقَطْ، وَيُمْكِن تَأْيِيد الْأَوَّل مِنْ الْأَرْبَعَة بِأَنَّ اعْتِبَارَ خُصُوصِ كَوْنِهِ فِي الْبُنْيَانِ وَصْفٌ مَلْغِيٌّ فَيُطْرَحُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَاز مُجَرَّدًا عَنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ يَفُتُّ فِي عَضُد هَذَا التَّأْيِيد أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يَقْتَصِرَ فِي مُخَالَفَةِ مُقْتَضَى الْعُمُومِ عَلَى مِقْدَارِ الضَّرُورَةِ، وَيَبْقَى الْعَامُّ عَلَى مُقْتَضَى عُمُومِهِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الصُّوَر إذْ لَا مُعَارِضَ لَهُ فِيمَا عَدَا تِلْكَ الصُّورَةَ الْمَخْصُوصَةِ الَّتِي وَرَدَ بِهَا الدَّلِيلُ الْخَاصُّ، وَهَذَا لَوْ فُرِضَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي أَيُّوب وَغَيْره وَرَدَ بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ تَعُمّ الِاسْتِقْبَالَ وَالِاسْتِدْبَارَ فَكَيْف وَهُوَ قَدْ وَرَدَ بِصِيغَتَيْنِ: صِيغَةٌ دَلَّتْ عَلَى مَنْعِ الِاسْتِقْبَالِ، وَصِيغَةٌ دَلَّتْ عَلَى مَنْعِ الِاسْتِدْبَارِ فَغَايَةُ مَا فِي حَدِيث ابْنِ عُمَرَ تَخْصِيصُ الصِّيغَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ وَارِدٌ فِي الْبُنْيَانِ، وَهِيَ عَامَّةٌ لِكُلِّ اسْتِدْبَارٍ، وَيُمْكِنُ أَيْضًا تَأْيِيدُ الْمَذْهَبِ الثَّانِي مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ فِي الْبُنْيَانِ يُقَاسُ عَلَى الِاسْتِدْبَارِ وَلَكِنَّهُ يَخْدِشُ فِيهِ مَا قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: إنَّ هَذَا تَقْدِيمٌ لِلْقِيَاسِ عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ الْعَامِّ وَفِيهِ مَا فِيهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي أُصُولِ الْفِقْه، وَبِأَنَّ شَرْطَ الْقِيَاس مُسَاوَاة الْفَرْع لِلْأَصْلِ أَوْ زِيَادَةً عَلَيْهِ فِي الْمَعْنَى الْمُعْتَبَرِ فِي الْحُكْمِ، وَلَا تَسَاوِي هَهُنَا، فَإِنَّ الِاسْتِقْبَالَ يَزِيدُ فِي الْقُبْحِ عَلَى الِاسْتِدْبَارِ عَلَى مَا يَشْهَدُ بِهِ الْعُرْفُ، وَلِهَذَا اعْتَبَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْمَعْنَى فَمَنَعَ الِاسْتِقْبَالَ، وَأَجَازَ الِاسْتِدْبَارَ، وَإِذَا كَانَ الِاسْتِقْبَالُ أَزْيَدَ فِي الْقُبْحِ مِنْ الِاسْتِدْبَارِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ إلْغَاءِ الْمَفْسَدَةِ النَّاقِصَةِ فِي الْقُبْحِ فِي حُكْمِ الْجَوَازِ إلْغَاءُ الْمَفْسَدَةِ الزَّائِدَةِ فِي الْقُبْحِ

اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست