اسم الکتاب : مشكل الحديث وبيانه المؤلف : ابن فورَك الجزء : 1 صفحة : 358
لم يظْهر وَإِذا لم يجز فِي اللُّغَة إستعمال معنى الْوَجْه على معنى الذَّات على الْحَقِيقَة فِي مَوضِع وَقد ورد إِطْلَاق الْكتاب وَالسّنة بذلك لم يكن لما ذهبت إِلَيْهِ الْمُعْتَزلَة وَجه وَوَجَب أَن يحمل الْأَمر فِيهِ على مَا قُلْنَا أَنه وَجه صفته وَلَا يُقَال هُوَ الذَّات وَلَا غَيرهَا سُؤال
فَإِن قَالَ قَائِل فَإِنَّهُ لَا يعقل وَجه الْجَارِحَة أَو بعض أَو نفس الشَّيْء قيل فِي هَذَا جوابان
أَحدهمَا أَنه إِثْبَات وَجه بِخِلَاف مَعْقُول الشَّاهِد كَمَا أَن إِثْبَات من أضيف إِلَيْهِ الْوَجْه إِثْبَات مَوْجُود بِخِلَاف مَعْقُول الشَّاهِد
وَالثَّانِي أَن الْوَجْه على الْحَقِيقَة لَا يكون نفس الشَّيْء لما بَينا أَن ذَلِك لَا يُوجد فِي اللُّغَة حَقِيقَة أَيْضا وَأما إِطْلَاق الْبَعْض على الْوَجْه الَّذِي هُوَ جارحة فتوسع عندنَا وَإِن كَانَ حَقِيقَة أَيْضا فَلم يكن وَجها لِأَنَّهُ بعض فَيجب أَن لَا يكون وَجه إِلَّا بعض وَإِذا لم يكن الْوَجْه وَجها لِأَنَّهُ بعض وَلَا لِأَنَّهُ جارحة وَلم يُنكر إِثْبَات وَجه خلافًا من الْمَوْضِعَيْنِ
وَأعلم أَن أحد أصولنا فِي هَذَا الْبَاب أَن كلما أطلق على الله عز وَجل من هَذِه الْأَوْصَاف والأسماء الَّتِي قد تجْرِي على الْجَوَارِح فِينَا فَإِنَّمَا يجْرِي ذَلِك فِي وَصفه على طَرِيق الصّفة إِذا لم يكن وَجه آخر يحمل عَلَيْهِ مِمَّا يسوغ فِيهِ التَّأْوِيل وَذَلِكَ لصِحَّة قيام الصّفة بِذَاتِهِ فَإِن قِيَامهَا مِمَّا لَا يَقْتَضِي إنتقاض توحيده وَخُرُوجه عَمَّا يسْتَحقّهُ من الْقدَم وإلالاهية
اسم الکتاب : مشكل الحديث وبيانه المؤلف : ابن فورَك الجزء : 1 صفحة : 358