responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 9
وَأَعْلَاهَا وَأَفْضَلُهَا وَأَغْلَاهَا، وَلِذَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا الْوَصْفِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ فَقَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1] {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان: 1] {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] وَللَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ:
لَا تَدْعُنِي إِلَّا بِيَا عَبْدَهَا ... فَإِنَّهُ أَشْرَفُ أَسْمَائِيَا
وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الْقَاضِي عِيَاضٍ:
وَمِمَّا زَادَنِي عَجَبًا وَتِيهًا ... وَكِدْتُ بِأَخْمَصِي أَطَأُ الثُّرَيَّا
دُخُولِي تَحْتَ قَوْلِكَ يَا عِبَادِي ... وَأَنْ صَيَّرْتَ أَحْمَدَ لِي نَبِيًّا
(وَرَسُولُهُ) : إِشَارَةً إِلَى أَنَّ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْقُرْبِ، وَأَوْلَى مَنَازِلِ الْحُبِّ، وَهُوَ الْفَرْدُ الْأَكْمَلُ، وَالْوَاصِلُ إِلَى الْمَقَامِ الْأَفْضَلِ، وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَصْفَيْنِ تَعْرِيضٌ لِلنَّصَارَى حَيْثُ غَلَوْا فِي دِينِهِمْ، وَأَطْرَوْا فِي مَدْحِ نَبِيِّهِمْ. ثُمَّ قِيلَ: النَّبِيُّ، وَالرَّسُولُ مُتَرَادِفَانِ، وَالْأَصَحُّ: أَنَّ النَّبِيَّ إِنْسَانٌ ذَكَرٌ حُرٌّ مِنْ بَنِي آدَمَ، أُوحِيَ إِلَيْهِ بِشَرْعٍ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ، فَإِنْ أُمِرَ بِهِ فَرَسُولٌ أَيْضًا، الثَّانِي أَعَمُّ مِنَ الْأَوَّلِ، فَكُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ، وَلَا عَكْسَ، وَذِكْرُ الْأَخَصِّ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَصُّ عَلَى مَعْنَى الْمَرَامِ. (الَّذِي بَعَثَهُ) أَيِ: اللَّهُ، كَمَا فِي نُسْخَةٍ أَيْ: أَرْسَلَهُ إِلَى الثَّقَلَيْنِ. وَقِيلَ: إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَيْضًا.
وَقِيلَ: إِلَى سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ. وَقِيلَ: إِلَى جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ خَبَرُ مُسْلِمٍ ( «وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً» ) . (وَطُرُقُ الْإِيمَانِ) : مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْكُتُبِ، وَالْعُلَمَاءِ. (قَدْ عَفَتْ آثَارُهَا) أَيِ: انْدَرَسَتْ أَخْبَارُهَا، وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَهُ وَأَظْهَرَهُ فِي حَالِ كَمَالِ احْتِيَاجِ النَّاسِ إِلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ; فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِي غَايَةٍ مِنَ الضَّلَالَةِ وَغَايَةٍ مِنَ الْجَهَالَةِ ; إِذْ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَنْ يَعْرِفُهَا إِلَّا أَفْرَادٌ مِنْ أَتْبَاعِ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اسْتَوْطَنُوا زَوَايَا الْخُمُولِ وَرُءُوسَ الْجِبَالِ، وَآثَرُوا الْوَحْدَةَ، وَالْأُفُولَ عَنِ الْخَلْقِ بِالِاعْتِزَالِ. (وَخَبَتْ أَنْوَارُهَا) أَيْ: خَفِيَتْ وَانْطَفَأَتْ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ اقْتِبَاسُ الْعِلْمِ الْمُشَبَّهِ بِالنُّورِ فِي كَمَالِ الظُّهُورِ. (وَوَهَتْ) أَيْ: ضَعُفَتْ حَتَّى انْعَدَمَتْ (أَرْكَانُهَا) : مِنْ أَسَاسِ التَّوْحِيدِ، وَالنُّبُوَّةِ، وَالْإِيمَانِ بِالْبَعْثِ، وَالْقِيَامَةِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ الصَّلَوَاتُ، وَالزَّكَوَاتُ، وَسَائِرُ الْعِبَادَاتِ. (وَجُهِلَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (مَكَانُهَا) : مُبَالَغَةً فِي ظُهُورِ ظُلْمَةِ الْجَهْلِ، وَغَلَبَةِ الْفِسْقِ، وَكَثْرَةِ الظُّلْمِ، وَقِلَّةِ الْعَدْلِ (فَشَيَّدَ) أَيْ: رَفَعَ وَأَعْلَى وَأَظْهَرَ، وَقَوَّى بِمَا أُعْطِيَهُ مِنَ الْعُلُومِ، وَالْمَعَارِفِ الَّتِي لَمْ يُؤْتَهَا أَحَدٌ مِثْلُهُ فِيمَا مَضَى. (صَلَوَاتُ اللَّهِ) أَيْ: أَنْوَاعُ رَحْمَتِهِ، وَأَصْنَافُ عِنَايَتِهِ نَازِلَةٌ (عَلَيْهِ) ، وَفَائِضَةٌ لَدَيْهِ، وَمُتَوَجِّهَةٌ إِلَيْهِ. وَفِي نُسْخَةٍ مَنْسُوبَةٍ إِلَى السَّيِّدِ عَفِيفِ الدِّينِ: زِيَادَةُ. (وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ) : يَعْنِي جِنْسَ السَّلَامَةِ مِنْ كُلِّ آفَةٍ فِي الدَّارَيْنِ، وَهِيَ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ إِخْبَارِيَّةٌ، أَوْ دُعَائِيَّةٌ، وَهِيَ الْأَظْهَرُ (مِنْ مَعَالِمِهَا) جَمْعُ الْمَعْلَمِ، وَهُوَ الْعَلَامَةُ (مَا عَفَا) : مَا: مَوْصُولَةٌ، أَوْ مَوْصُوفَةٌ مَفْعُولُ شَيَّدَ، وَمِنْ: بَيَانِيَّةٌ مُتَقَدِّمَةٌ. وَالْمَعْنَى: أَظْهَرَ، وَبَيَّنَ مَا انْدَرَسَ، وَخَفِيَ مِنْ آثَارِ طُرُقِ الْإِيمَانِ، وَعَلَامَاتِ أَسْبَابِ الْعِرْفَانِ، وَالْإِيقَانِ، (وَشَفَى) : عَطْفٌ عَلَى شَيَّدَ (مِنَ الْعِلَلِ) : بَيَانٌ مُقَدَّمٌ لِمِنَ رِعَايَةً لِلسَّجْعِ (فِي تَأْيِيدِ التَّوْحِيدِ) أَيْ: تَأْكِيدُهُ، وَتَقْوِيَتُهُ، وَنُصْرَتُهُ، وَإِعَانَتُهُ مُتَعَلِّقٌ

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 9
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست