responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 76
9 - وَعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا» ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
9 - (وَعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) أَيْ عَمِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ أَسَنَّ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَنَتَيْنِ، وَمِنْ لَطَافَةِ فَهْمِهِ وَمَتَانَةِ عِلْمِهِ أَنَّهُ لَمَّا سُئِلَ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَمِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: هُوَ أَكْبَرُ، وَأَنَا أَسَنُّ. وَأُمُّهُ أَوَّلُ امْرَأَةٍ كَسَتِ الْكَعْبَةَ الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ وَأَصْنَافَ الْكِسْوَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبَّاسَ ضَلَّ وَهُوَ صَبِيٌّ فَنَذَرَتْ إِنْ وَجَدَتْهُ أَنْ تَكْسُوَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ، فَوَجَدَتْهُ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ رَئِيسًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِلَيْهِ كَانَتْ عِمَارَةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالسِّقَايَةُ. أَمَّا السِّقَايَةُ فَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِسِقَايَةِ الْحَاجِّ، وَأَمَّا الْعِمَارَةُ فَإِنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ قُرَيْشًا عَلَى عِمَارَتِهِ وَبِالْخَيْرِ وَتَرْكِ السِّبَابِ فِيهِ وَقَوْلِ الْهَجْرِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: عَتَقَ الْعَبَّاسُ عِنْدَ مَوْتِهِ سَبْعِينَ مَمْلُوكًا، وُلِدَ قَبْلَ سَنَةِ الْفِيلِ، وَمَاتَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ، وَكَانَ أَسْلَمَ قَدِيمًا وَكَتَمَ إِسْلَامَهُ، وَخَرَجَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ مُكْرَهًا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: [ ( «مَنْ لَقِيَ الْعَبَّاسَ فَلَا يَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ خَرَجَ مُكْرَهًا» ) ] فَأَسَرَهُ أَبُو الْيَسِيرِ كَعْبُ بْنُ عُمَرَ، فَفَادَى نَفْسَهُ، وَرَجَعَ إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرًا، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ. [قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ) ] أَيْ: نَالَ وَأَدْرَكَ وَأَصَابَ وَوَجَدَ حَلَاوَتَهُ وَلَذَّتَهُ، وَأَصْلُ الذَّوْقِ وُجُودُ أَدَقِّ طَعْمٍ فِي الْفَمِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الذَّوْقُ الْمَعْنَوِيُّ، وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: ذَوْقًا حِسِّيًّا أَوْ مَعْنَوِيًّا. [ (مَنْ رَضِيَ) ] أَيْ: قَنِعَ نَفْسَهُ، وَطَابَ قَلْبُهُ، وَانْشَرَحَ صَدْرُهُ، وَاكْتَفَى [ (بِاللَّهِ رَبًّا) ] أَيْ: مَالِكًا وَسَيِّدًا وَمُتَصَرِّفًا، وَنَصَبَهُ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَكَذَا أَخَوَاتُهُ، [ (وَبِالْإِسْلَامِ) ] أَيِ الشَّامِلِ لِلْإِيمَانِ [ (دِينًا) ] : عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ [ (وَبِمُحَمَّدٍ) ]- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُلْحَقٌ، وَلَيْسَ لَفْظَ النُّبُوَّةِ [ (رَسُولًا) ] عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الرِّضَا الِانْقِيَادُ الْبَاطِنُ وَالظَّاهِرُ، وَالْكَمَالُ أَنْ يَكُونَ صَابِرًا عَلَى بَلَائِهِ، وَشَاكِرًا عَلَى نَعْمَائِهِ، وَرَاضِيًا بِقَدَرِهِ وَقَضَائِهِ، وَمَنْعِهِ وَإِعْطَائِهِ، وَأَنْ يَعْمَلَ بِجَمِيعِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ بِامْتِثَالِ الْأَوَامِرِ، وَاجْتِنَابِ الزَّوَاجِرِ، وَأَنْ يَتْبَعَ الْحَبِيبَ حَقَّ مُتَابَعَتِهِ فِي سُنَّتِهِ، وَآدَابِهِ، وَأَخْلَاقِهِ، وَمُعَاشَرَتِهِ، وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَالتَّوَجُّهِ الْكُلِّيِّ إِلَى الْعُقْبَى. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَكَذَا أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: ( «أَلِظُّوا أَلْسِنَتَكُمْ قَوْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ اللَّهَ رَبُّنَا، وَالْإِسْلَامَ دِينُنَا، وَمُحَمَّدٌ نَبِيُّنَا فَإِنَّكُمْ تُسْأَلُونَ عَنْهَا فِي قُبُورِكُمْ» ) . قَالَ السُّيُوطِيُّ: فِي سَنَدِهِ عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ.

10 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
10 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) : مَرَّ ذِكْرُهُ [ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَالَّذِي) ] أَيْ: وَاللَّهِ الَّذِي [ (نَفْسُ مُحَمَّدٍ) ] أَيْ رُوحُهُ، وَذَاتُهُ، وَصِفَاتُهُ، وَحَالَاتُهُ، وَإِرَادَتُهُ، وَحَرَكَاتُهُ، وَسَكَنَاتُهُ [ (بِيَدِهِ) ] أَيْ كَائِنَةٌ بِنِعْمَتِهِ، وَحَاصِلَةٌ بِقُدْرَتِهِ، وَثَابِتَةٌ بِإِرَادَتِهِ، وَوَجْهُ اسْتِعَارَةِ الْيَدِ لِلْقُدْرَةِ أَنَّ أَكْثَرَ مَا يَظْهَرُ سُلْطَانُهَا فِي أَيْدِينَا، وَهِيَ مِنَ الْمُتَشَابِهَاتِ، وَمَذْهَبُ السَّلَفِ فِيهَا تَفْوِيضُ عِلْمِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَعَ التَّنْزِيهِ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَهُوَ أَسْلَمُ حَذَرًا مِنْ أَنْ يُعَيَّنَ لَهُ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ تَعَالَى، وَيُؤَيِّدُهُ وَقْفُ الْجُمْهُورِ عَلَى الْجَلَالَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] وَعَدُّوهُ وَقْفًا لَازِمًا، وَهُوَ مَا فِي وَصْلِهِ إِيهَامُ مَعْنًى فَاسِدٍ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تَأْوِيلُ الْيَدِ بِالْقُدْرَةِ يُؤَدِّي إِلَى تَعْطِيلِ مَا أَثْبَتَهُ تَعَالَى لِنَفَسِهِ، وَبِهَا الَّذِي يَنْبَغِي الْإِيمَانُ بِمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ عَلَى مَا أَرَادَهُ، وَلَا يُشْتَغَلُ بِتَأْوِيلِهِ فَنَقُولُ: لَهُ يَدٌ عَلَى مَا أَرَادَهُ لَا كَيَدِ الْمَخْلُوقِينَ، وَمَذْهَبُ الْخَلَفِ فِيهَا تَأْوِيلُهُ بِمَا يَلِيقُ بِجَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَنْزِيهُهُ عَنِ الْجِسْمِ وَالْجِهَةِ

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست