responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 356
298 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا) قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: (أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ، بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ، أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟) قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: (فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ» ) . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
298 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) : - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى الْمَقْبَرَةَ) : بِضَمِّ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ قَلِيلٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مَقْبَرَةُ الْبَقِيعِ (فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) : إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ الزَّائِرَ وَيُدْرِكُونَ كَلَامَهُ وَسَلَامَهُ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِي الْحَدِيثِ أَنَّ السَّلَامَ عَلَى الْأَمْوَاتِ وَالْأَحْيَاءِ سَوَاءٌ فِي تَقْدِيمِ السَّلَامِ عَلَى عَلَيْكُمْ (دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) : نَصَبَ دَارَ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَوِ النِّدَاءِ لِأَنَّهُ مُضَافٌ، وَالْمُرَادُ بِالدَّارِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْجَمَاعَةُ وَالْأَهْلُ، وَيُحْتَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ الْمَنْزِلُ قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَحَدُ الْمَجَازَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ تَعْيِينُ التَّخْصِيصِ فِي الدُّعَاءِ لِأَهْلِ مَقْبَرَةٍ وَنَحْوِهِمْ مِمَّا يَقْتَضِي الْعُمُومَ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ( «وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» ) : فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ مَعَ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ أَقْوَالٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّكِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ: إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَادَةِ مَنْ يُحْسِنُ الْكَلَامَ بِهِ، الثَّالِثُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَائِدٌ عَلَى اللُّحُوقِ بِالْمَكَانِ الْمُتَبَرِّكِ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34] (وَدِدْتُ) : بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ تَمَنَّيْتُ وَأَحْبَبْتُ (أَنَا) : أَيْ: أَنَا وَأَصْحَابِي (قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا) : تَمَنَّى رُؤْيَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ، وَقِيلَ: بَعْدَ الْمَمَاتِ (قَالُوا: أَوَلَسْنَا) : أَيْ: أَتَقُولُ هَذَا وَلَسْنَا (إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْتُمْ أَصْحَابِي) : لَيْسَ هَذَا نَفْيًا لِأُخُوَّتِهِمْ لَكِنْ ذَكَرَ لَهُمْ مَزِيَّةً بِالصُّحْبَةِ عَلَى الْأُخُوَّةِ فَهُمْ إِخْوَةٌ وَصَحَابَةٌ، وَاللَّاحِقُونَ إِخْوَةٌ فَحَسْبُ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ} [الأنفال: 2] (وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ) أَيْ: لَمْ يَلْحَقُوا إِلَى الْآنَ، أَوْ لَمْ يَأْتُوا إِلَيْنَا. قِيلَ: وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى اللَّاحِقِينَ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنَ التَّابِعِينَ، لَكِنْ يَأْبَاهُ سُؤَالُهُمُ الْآتِي الشَّامِلُ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ، فَإِنْ قُلْتَ: فَأَيُّ اتِّصَالٍ لِهَذِهِ الْوِدَادَةِ بِذِكْرِ أَصْحَابِ الْقُبُورِ؟ قُلْتُ: عِنْدَ تَصَوُّرِ السَّابِقِينَ تَصَوُّرُ اللَّاحِقِينَ، أَوْ كُشِفَ لَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ عَالَمُ الْأَرْوَاحِ، فَشَاهَدَ الْأَرْوَاحَ الْمُجَنَّدَةَ السَّابِقِينَ مِنْهُمْ وَاللَّاحِقِينَ ( «فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ» ؟) . قَالَ الطِّيبِيُّ: وَسُؤَالُهُمْ بِقَوْلِهِمْ: كَيْفَ تَعْرِفُ أَيْ فِي الْمَحْشَرِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّكَ تَمَنَّيْتَ رُؤْيَتَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا يُتَمَنَّى مَا لَمْ يَكُنْ حُصُولُهُ. فَإِذَنْ كَيْفَ تَعْرِفُهُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَإِنَّمَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْآخِرَةِ لِيُطَابِقَ قَوْلَهُ الْآتِيَ: غَيْرُ مُحَجَّلَةٍ لِظُهُورِهِمَا حِينَئِذٍ (فَقَالَ) : وَفِي نُسْخَةٍ: بِدُونِ الْفَاءِ (أَرَأَيْتَ) : أَيْ: أَخْبِرْنِي أَيُّهَا الْمُخَاطِبُ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ أَيْ: مَثَلًا (غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ) قِيلَ: الظَّهْرُ مُقْحَمٌ. فِي النِّهَايَةِ: أَقَامُوا بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ: أَيْ: أَقَامُوا بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِظْهَارِ وَالِاسْتِنَادِ إِلَيْهِمْ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ ظَهْرًا مِنْهُمْ قُدَّامَهُ وَظَهْرًا وَرَاءَهُ، فَهُوَ مَكْنُوفٌ مِنْ جَانِبَيْهِ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اسْتُعْمِلَ فِي الْإِقَامَةِ بَيْنَ الْقَوْمِ مُطْلَقًا كَذَا نَقَلَهُ الطِّيبِيُّ. أَقُولُ: ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْإِقَامَةِ بَيْنَ الْحَيَوَانَاتِ مَجَازًا (دُهْمٍ) : أَيْ: سُودٍ (بُهْمٍ) : الْبُهْمُ: السُّودُ، وَقِيلَ: الَّذِي لَا يُخَالِطُ لَوْنُهُ لَوْنَ سِوَاهُ قَرَنَهُ بِالدُّهْمِ مُبَالَغَةً فِي السَّوَادِ (أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟) الْهَمْزَةُ لِلْإِنْكَارِ (قَالُوا: بَلَى) يَعْرِفُهَا (يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ (فَإِنَّهُمْ) : أَيْ: أُمَّةُ الْإِجَابَةِ جَمِيعًا ( «يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوَضُوءِ» ) بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ أَيْ: مِنْ أَجْلِهِ ( «وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ» ) : أَيْ: مُتَقَدِّمُهُمْ إِلَى حَوْضِي فِي الْمَحْشَرِ فَإِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا يُقَالُ: فَرَطَ يَفْرُطُ فَهُوَ فَارِطٌ، وَفَرَطٌ إِذَا تَقَدَّمَ وَسَبَقَ الْقَوْمَ لِيَرْتَادَ لَهُمُ الْمَاءَ وَيُهَيِّئَ لَهُمُ الدِّلَاءَ وَالْأَرْشِيَةِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 356
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست