responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 350
التَّوَّابِينَ» ) : أَيْ: لِلذُّنُوبِ وَالرَّاجِعِينَ عَنِ الْعُيُوبِ، وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءً صَرِيحًا وَلَا لُزُومًا بِإِكْثَارِ وُقُوعِ الذُّنُوبِ مِنْهُ، بَلْ بِأَنَّهُ إِذَا وَقَعَ مِنْهُ ذَنْبٌ أُلْهِمَ التَّوْبَةَ عَنْهُ، وَإِنْ كَثُرَ وَفِيهِ تَعْلِيمٌ لِلْأُمَّةِ كَمَا وَرَدَ: «كُلُّكُمْ خَطَّاءُونَ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» . وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: 222] أَيِ الَّذِينَ لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ بَابِ مَوْلَاهُمْ، وَلَمْ يَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ( «وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ» ) : أَيْ: بِالْخَلَاصِ مِنْ تَبِعَاتِ الذُّنُوبِ السَّابِقَةِ، وَعَنِ التَّلَوُّثِ بِالسَّيِّئَاتِ اللَّاحِقَةِ، أَوْ مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ مِنَ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ، فَيَكُونُ فِيهَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ طَهَارَةَ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ لَمَّا كَانَتْ بِيَدِنَا طَهَّرْنَاهَا، وَأَمَّا طَهَارَةُ الْأَحْوَالِ الْبَاطِنَةِ فَإِنَّمَا هِيَ بِيَدِكَ فَأَنْتَ تُطَهِّرُهَا بِفَضْلِكَ وَكَرَمِكَ.
(وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ مُحْيِي السُّنَّةِ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (فِي الصِّحَاحِ) ( «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ» إِلَى آخِرِهِ) : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ، ثُمَّ قَالَ: ( «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» رَوَاهُ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ كَذَا فِي الْمَصَابِيحِ اهـ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ بِعَيْنِهِ إِلَّا كَلِمَةَ " أَشْهَدُ " قَبْلَ أَنَّ مُحَمَّدًا) وَالْحَاصِلُ وُرُودُ الِاعْتِرَاضِ عَلَى صَاحِبِ الْمَصَابِيحِ حَيْثُ ذَكَرَ رِوَايَةَ التِّرْمِذِيِّ فِي الصِّحَاحِ لِإِيهَامِهَا أَنَّهُ كُلَّهُ فِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَالَ فِي الْأَزْهَارِ هَذَا حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ وَمُنْقَطِعٌ، وَإِلْحَاقُ الضَّعِيفِ بِالصَّحِيحِ غَيْرُ مَقْبُولٍ مَعَ تَغْيِيرِ الْعِبَارَةِ لَفْظًا وَمَعْنًى.

290 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ. فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
290 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ أُمَّتِي) : يَعْنِي أُمَّةَ الْإِجَابَةِ بَلِ الْخَوَاصَّ مِنْهُمْ وَهُمْ أَهْلُ الْعِبَادَةِ (يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ: يُسَمَّوْنَ (غُرًّا مُحَجَّلِينَ) وَقِيلَ يُنَادَوْنَ: أَيُّهَا الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ هَلُمُّوا إِلَى الْجَنَّةِ، وَقِيلَ يُدْعَوْنَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، أَوْ يُطْلَبُونَ إِلَى الْمَوْقِفِ أَوْ إِلَى الْجَنَّةِ حَالَ كَوْنِهِمْ غُرًّا مُحَجَّلِينَ. قَالَ الْأَشْرَفُ: الْغُرُّ جَمْعُ الْأَغَرِّ وَهُوَ الْأَبْيَضُ الْوَجْهِ، وَالْمُحَجَّلُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّتِي قَوَائِمُهَا بِيضٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَجَلِ، وَهُوَ الْقَيْدُ كَأَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِالْبَيَاضِ، وَأَصْلُ هَذَا فِي الْخَيْلِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ إِذَا دُعُوا عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ أَوْ إِلَى الْجَنَّةِ كَانُوا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَانْتِصَابُهُمَا عَلَى الْحَالِ إِذَا كَانَ يُدْعَوْنَ بِمَعْنَى يُنَادَوْنَ أَوْ يُطْلَبُونَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غُرًّا مَفْعُولًا ثَانِيًا لِيُدْعَوْنَ بِمَعْنَى يُسَمَّوْنَ كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ يُدْعَى لَيْثًا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُسَمَّوْنَ بِهَذَا الِاسْمِ لِمَا يُرَى عَلَيْهِمْ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ وَالْمَعْنَى هُوَ الْأَوَّلُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ( «يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ» ) لِأَنَّهَا الْعَلَامَةُ الْفَارِقَةُ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَسَائِرِ الْأُمَمِ وَقِيلَ: لَا يَبْعُدُ التَّسْمِيَةُ بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ الظَّاهِرِ كَمَا يُسَمَّى رَجُلٌ بِهِ حُمْرَةٌ أَحْمَرُ لِلْمُنَاسَبَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُوَ الشُّهْرَةُ وَالتَّمْيِيزُ ( «مِنْ آثَارِ الْوَضُوءِ» ) : بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي وَصَلَ إِلَى أَعْضَاءِ الْمُتَوَضِّئِ، وَقِيلَ بِالضَّمِّ قَالَ فِي الْأَزْهَارِ: وَيَجُوزُ فَتْحُهَا، وَلَكِنَّ الْفَتْحَ هُوَ أَصْلُ السَّيِّدِ وَهُوَ أَظْهَرُ مَعْنًى ( «فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ» ) : أَيْ: وَتَحْجِيلَهُ بِإِيصَالِ الْمَاءِ إِلَى أَكْثَرِ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَحُذِفَ اكْتِفَاءً (فَلْيَفْعَلْ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: قَوْلُهُ: فَمَنِ اسْتَطَاعَ إِلَخْ مُدْرَجٌ مِنْ كَلَامٍ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْحُفَّاظِ اهـ.
وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: لَا أَدْرِي قَوْلَهُ: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَخْ. مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُمْ عَشْرَةٌ وَلَا مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرَ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ هَذِهِ وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَدَعْوَى أَنَّ: فَمِنْ. . إِلَخْ، مِنْ كَلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَا يَسُنُّ غُرَّةً وَلَا تَحْجِيلَ، يَرُدُّهَا أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِدْرَاجِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ إِذْ لَوْ كَانَ ثَمَّةَ إِدْرَاجٍ لَبَيَّنَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي طَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 350
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست