responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 28
الصَّحَابَةِ، وَفَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ، وَكِتَابُ شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَكِتَابُ الْخِلَافِيَّاتِ، وَكَانَ لَهُ غَايَةُ الْإِنْصَافِ فِي الْمُنَاظَرَةِ، وَالْمُبَاحَثَةِ، وَكَانَ عَلَى سِيرَةِ الْعُلَمَاءِ قَانِعًا مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ، مُتَجَمِّلًا فِي زُهْدِهِ، وَوَرَعِهِ، صَائِمَ الدَّهْرِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثِينَ سَنَةً. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: مَا مِنْ شَافِعِيٍّ إِلَّا وَلِلشَّافِعِيِّ فِي عُنُقِهِ مِنَّةٌ إِلَّا الْبَيْهَقِيَّ فَإِنَّهُ لَهُ عَلَى الشَّافِعِيِّ مِنَّةٌ ; لِتَصَانِيفِهِ فِي نُصْرَةِ مَذْهَبِهِ، وَأَقَاوِيلِهِ. تُوُفِّيَ بِنَيْسَابُورَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَحُمِلَ تَابُوتُهُ إِلَى قَرْيَةٍ مِنْ نَاحِيَةِ بَيْهَقَ، وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ أَرْبَعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً. قِيلَ: مَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
(وَأَبِي الْحَسَنِ رَزِينِ) : بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَكَسْرِ الزَّايِ (بْنِ مُعَاوِيَةَ الْعَبْدَرِيِّ) : بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، وَفَتْحِ الدَّالِّ الْمُهْمَلَةِ، وَبِالرَّاءِ الْمُخَفَّفَةِ، مَنْسُوبٌ إِلَى عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ بَطْنٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَهُوَ الْحَافِظُ الْجَلِيلُ صَاحِبُ كِتَابِ التَّجْرِيدِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصِّحَاحِ. مَاتَ بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. (وَغَيْرِهِمْ) : بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ: بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى (مَثْلُ) ، (وَقَلِيلٌ مَا) : مَا: زَائِدَةٌ إِبْهَامِيَّةٌ تَزِيدُ الشُّيُوعَ، وَالْمُبَالَغَةَ فِي الْقِلَّةِ (هُوَ) أَيْ: غَيْرُهُمْ، وَالْإِفْرَادُ لِلَفْظِ غَيْرِهِمْ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَلِيلٌ، وَنَظِيرُهُ: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: 24] . فَلَمَّا انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى آخِرِ الرِّجَالِ الْمَذْكُورِينَ، وَالْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ سَنَحَ بِالْخَاطِرِ الْفَاتِرِ مَا ذَكَرَهُ السَّادَاتُ الصُّوفِيَّةُ أَرْبَابُ الْهِدَايَةِ: أَنَّ النِّهَايَةَ هِيَ الرُّجُوعُ إِلَى الْبِدَايَةِ ; فَأَنْتَجَ أَنْ أَخْتِمَ ذِكْرَهُمْ بِمَنَاقِبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَالْهُمَامِ الْأَقْدَمِ ; لِيَكُونَ كَمِسْكِ الْخِتَامِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَيْضًا فِي أَسْمَاءِ رِجَالِهِ رَاجِيًا حُصُولَ بَرَكَةِ كَمَالِهِ، لَكِنْ بَعْدَ ذِكْرِ الْإِمَامِ مَالِكٍ، وَأَوْرَدَ اعْتِذَارًا عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَقَدْ بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُقْدَّمُ زَمَانًا، وَقَدْرًا، وَمَعْرِفَةً، وَعِلْمًا. قُلْتُ: كُلُّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى إِمَامِنَا غَيْرُ صَحِيحٍ، أَمَّا تَقَدُّمُ زَمَانِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ فَصَرِيحٌ إِذْ وُلِدَ مَالِكٌ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ، وَوُلِدَ أَبُو حَنِيفَةَ سَنَةَ ثَمَانِينَ، وَأَمَّا تَقَدُّمُ قَدْرِهِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فَمَرْدُودٌ ; لِأَنَّهُ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، وَإِمَامُنَا مِنَ التَّابِعِينَ كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ: " «خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» "، وَأَمَّا مَعْرِفَتُهُ فَمَعْرُوفَةٌ ; لِأَنَّهَا عَمَّتِ الْخَلْقَ شَرْقًا، وَغَرْبًا سِيَّمَا فِي بِلَادِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَوِلَايَةِ الْهِنْدِ، وَالرُّومِ، فَإِنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ إِمَامًا غَيْرَهُ، وَلَا يَعْلَمُونَ مَذْهَبًا سِوَى مَذْهَبِهِ. وَبِالْجُمْلَةِ، فَأَتْبَاعُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَتْبَاعِ جَمِيعِ الْأَئِمَّةِ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ، كَمَا أَنَّ أَتْبَاعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرُ مِنْ أَتْبَاعِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُمْ ثُلُثَا أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَالْحَنَفِيَّةُ أَيْضًا تَجِيءُ ثُلْثَيِ الْمُؤْمِنِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَمَّا عِلْمُهُ فَيَكْفِي مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي حَقِّهِ: الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفِقْهِ، وَالْعُذْرُ فِي كَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ بِالْأُمُورِ الْفِقْهِيَّةِ مِنَ الْمَسَائِلِ الْفَرْعِيَّةِ، وَالدَّلَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ الْأَهَمُّ، وَاحْتِيَاجُ النَّاسِ إِلَيْهِ أَتَمُّ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ اشْتِغَالٌ بِالْمَعْنَى الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالدِّرَايَةِ، وَهُوَ مُفَضَّلٌ عَلَى التَّعَلُّقِ بِالْمَبْنَى الَّذِي يُقَالُ لَهُ الرِّوَايَةُ، وَهَذَا فَاقَ عَلَى أَقْرَانِهِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ سَأَلَهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ مَسَائِلَ، وَأَرَادَ الْبَحْثَ مَعَهُ بِوَسَائِلَ ; فَأَجَابَ عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ فَقَالَ لَهُ الْأَوْزَاعِيُّ: مِنْ أَيْنَ هَذَا الْجَوَابُ؟ فَقَالَ: مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَيْتُمُوهَا، وَمِنَ الْأَخْبَارِ، وَالْآثَارِ الَّتِي نَقَلْتُمُوهَا، وَبَيَّنَ لَهُ وَجْهَ دِلَالَاتِهَا، وَطَرِيقَ اسْتِنْبِاطِهَا ; فَأَنْصَفَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَلَمْ يَتَعَسَّفْ فَقَالَ: نَحْنُ الْعَطَّارُونَ، وَأَنْتُمُ الْأَطِبَّاءُ، أَيِ: الْعَارِفُونَ بِالدَّاءِ، وَالدَّوَاءِ. وَأَيْضًا كَانَ عِنْدَهُ أَنَّ نَقْلَ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِاللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى، فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَقِلُّ التَّحْدِيثُ بِالْمَبْنَى مَعَ أَنَّ لَهُ مَسَانِيدَ مُتَعَدِّدَةً، وَأَسَانِيدَ مُعْتَمَدَةً يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ، وَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النُّصْرَةِ، ثُمَّ يَدُلُّ عَلَى عُلُوِّ سَنَدِهِ أَنَّهُ رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ» " كَذَا ذَكَرَهُ التَّمِيمِيُّ شَارِحُ النُّقَايَةِ فِي فَصْلِ الْوَلَاءِ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ نَقْلًا عَنِ

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 28
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست