responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 227
145 - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا أُخْبِرُوا بِهَا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا ; فَقَالُوا: أَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ ! .
فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا. وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا أَصُومُ النَّهَارَ أَبَدًا، وَلَا أُفْطِرُ. وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِمْ فَقَالَ: " أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ ! أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
145 - (وَعَنْ أَنَسٍ) : - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَالَ: جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ) : الرَّهْطُ: الْعِصَابَةُ دُونَ الْعَشَرَةِ وَقِيلَ: دُونَ الْأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: هُمْ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَقِيلَ: الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ بَدَلَ عَبْدِ اللَّهِ كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: إِنَّمَا جَاءَ تَفْسِيرُ الثَّلَاثَةِ بِالرَّهْطِ لِأَنَّهُ مَعْنَى الْجَمَاعَةِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْطِ وَالنَّفَرِ أَنَّهُ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ، وَالنَّفَرُ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى التِّسْعَةِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَقَعَ فِي مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَبْدِ الرَّازِقِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْمَذْكُورِينَ هُمْ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ. قَالَ: لَكِنْ فِي عَدِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مِنْهُمْ نَظَرٌ لِأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ عَبْدُ اللَّهِ فِيمَا أَحْسِبُ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ، وَذَكَرَ فِي " الْخَلْخَالِيِّ " مَكَانَ عَبْدِ اللَّهِ الْمِقْدَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ ، أَيْ: عِبَادَتِهِ فِي الْبَيْتِ، وَالْمُرَادُ مَعْرِفَةُ قَدْرِ عَادَةِ وَظَائِفِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ حَتَّى يَفْعَلُوا ذَلِكَ (فَلَمَّا أُخْبِرُوا) : عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ، أَيْ: أَخْبَرَتْهُمْ (بِهَا) أَيْ: بِعِبَادَتِهِ (كَأَنَّهُمْ تَقَالُوهَا) : تَفَاعُلٌ مِنَ الْقِلَّةِ أَيِ اسْتَقَلُّوهَا، وَجَدُوهَا أَوْ عَدُّوهَا قَلِيلَةً لِمَا فِي نُفُوسِهِمْ أَنَّهَا أَكْثَرُ مِمَّا أُخْبِرُوا بِهِ بِكَثِيرٍ (فَقَالُوا: أَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، أَيْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ بَوْنٌ بَعِيدٌ فَإِنَّا عَلَى صَدَدِ التَّفْرِيطِ وَسُوءِ الْعَاقِبَةِ وَهُوَ مَعْصُومٌ مَأْمُونُ الْخَاتِمَةِ، أَوْ لِأَنَّ لَهُ مُعَامَلَةً بَاطِنِيَّةً مَعَ اللَّهِ تَعَالَى سَاعَةٌ مِنْهَا أَفْضَلُ مِنْ طَاعَةِ سَنَةٍ ظَاهِرِيَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا وَرَدَ: تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ أَوْ سِتِّينَ سَنَةً لَهُ، لَا سِيَّمَا فِي الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ، وَقِيلَ: فَإِنَّا مُذْنِبُونَ وَمُحْتَاجُونَ إِلَى الْمَغْفِرَةِ (وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ !) فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعِبَادَةُ نُصْبَ أَعْيُنِنَا وَلَا نَصْرِفَ عَنْهَا وُجُوهَنَا لَيْلًا وَنَهَارًا، ثُمَّ الذَّنْبُ: مَا لَهُ تَبِعَةٌ دِينِيَّةٌ أَوْ دُنْيَوِيَّةٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الذَّنْبِ، وَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَاتَبًا بِتَرْكِ الْأَوْلَى تَأْكِيدًا لِلْعِصْمَةِ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الذَّنْبِ، أَوْ يَكُونُ مِنْ بَابِ حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ ". قَالَ ابْنُ حَجَرٍ، أَيْ: سُتِرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِعِصْمَتِهِ مِنْهُ فَلَمْ يُمْكِنْ صُدُورُهُ مِنْهُ وَلَوْ صَغِيرَةً قَبْلَ النُّبُوَّةِ عَلَى الصَّوَابِ.
هَذَا مَعْنَى الْمَغْفِرَةِ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ، وَمَعْنَاهَا فِي غَيْرِهِمْ سُتْرَةٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عُقُوبَةِ ذُنُوبِهِمْ اهـ -.
وَفِي قَوْلِهِ: عَلَى الصَّوَابِ تَخْطِئَةٌ لِأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ: وَهُو غَيْرُ صَوَابٍ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ عَلَى الصَّحِيحِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى التَّأَسِّي بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَسَائِرِ أَحْوَالِهِ حَتَّى فِي كُلِّ حَالَاتِهِ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَلَا تَفَكُّرٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِمْ أَوْ ظَنِّهِمْ ذَلِكَ عَنْهُ دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى إِجْمَاعِهِمْ عَلَى عِصْمَتِهِ وَتَنَزُّهِهِ عَنْ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ بَاطِنِهِ شَيْءٌ لَا يُتَأَسَّى بِهِ فِيهِ مِمَّا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ اهـ.
وَالْجُمْهُورُ جَوَّزُوا وُقُوعَ الْكَبَائِرِ سَهْوًا وَالصَّغَائِرِ عَمْدًا، لَكِنِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمُ اشْتَرَطُوا أَنْ يُنَبَّهُوا عَلَيْهِ فَيَنْتَهُوا عَنْهُ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ لَا يُنَافِي الْإِجْمَاعَ الْمَذْكُورَ.
قَالَ الْمُظْهِرُ: ظَنُّوا أَنَّ وَظَائِفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرَةٌ: فَلَمَّا سَمِعُوهَا عَدُّوهَا قَلِيلَةً، وَقَدْ رَاعُوا الْأَدَبَ حَيْثُ لَمْ يَنْسُبُوهُ إِلَى التَّقْصِيرِ بَلْ أَظْهَرُوا كَمَالَهُ وَلَامُوا أَنْفُسَهُمْ فِي مُقَابَلَتِهِمْ إِيَّاهَا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِ تَعْلِيمٌ لِلْمُرِيدِ بِأَنْ لَا يَنْظُرَ إِلَى الشَّيْخِ بِعَيْنِ الِاحْتِقَارِ وَإِنْ رَأَى عِبَادَتَهُ قَلِيلَةً، فَلْيُظْهِرْ عُذْرَهُ وَلْيَلُمْ نَفْسَهُ إِنْ جَرَى فِيهَا إِنْكَارٌ عَلَى شَيْخِهِ لِأَنَّ مَنِ اعْتَرَضَ عَلَى شَيْخِهِ لَمْ يُفْلِحْ أَبَدًا، وَفِيهِ أَنَّ قِلَّةَ وَظَائِفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 227
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست