responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 216
133 - (وَعَنْهُ) ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: " اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، ثُمَّ سَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
133 - (وَعَنْهُ) : أَيْ عَنْ عُثْمَانَ (قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا فَرَغَ) : مَعْلُومٌ، وَقِيلَ مَجْهُولٌ (مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ) : الْمُرَادُ مِنْهُ الْجِنْسُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ النَّكِرَةِ (وَقَفَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى رَأْسِ الْقَبْرِ (فَقَالَ) ، أَيْ: لِأَصْحَابِهِ (اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ) : أَيِ اطْلُبُوا الْمَغْفِرَةَ لِذُنُوبِ أَخِيكُمُ الْمُؤْمِنِ، وَذِكْرُ الْأَخِ لِلْعَطْفِ عَلَيْهِ وَاسْتِكْثَارِ الدُّعَاءِ لَهُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دُعَاءَ الْأَحْيَاءِ يَنْفَعُ الْأَمْوَاتَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ (ثُمَّ سَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ) : ضَمَّنَ السُّؤَالَ مَعْنَى الدُّعَاءِ، وَلِذَا عُدِّيَ بِالْبَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ} [المعارج: 1] أَيِ ادْعُوَا لَهُ بِدُعَاءِ التَّثْبِيتِ يَعْنِي قُولُوا ثَبَّتَهُ اللَّهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ، أَوِ اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ، وَهُوَ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ، وَهَذَا أَفْضَلُ مِنَ التَّلْقِينِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ عَنْهُ غَافِلُونَ. (فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ) . قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى التَّلْقِينِ عِنْدَ الدَّفْنِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ، وَلَا نَجِدُ فِيهِ حَدِيثًا مَشْهُورًا وَلَا بَأْسَ بِهِ إِذْ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَرْضُ الِاعْتِقَادِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْحَاضِرِينَ وَالدُّعَاءُ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ، وَالْإِرْغَامُ لِمُنْكِرِي الْحَشْرِ وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ، وَأَوْرَدَ الْغَزَّالِيُّ فِي " الْإِحْيَاءِ "، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي كِتَابِ " الْأَدْعِيَةِ حَدِيثًا فِي تَلْقِينِ الْمَيِّتِ عِنْدَ الدَّفْنِ، وَلَمْ يُصَحِّحْهُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ قَوْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " فَالْمُرَادُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا عِنْدَ دَفْنِ الْمَيِّتِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى تَلْقِينِ الْمَيِّتِ بَعْدَ تَمَامِ دَفْنِهِ وَكَيْفِيَّتُهُ مَشْهُورَةٌ، وَهُوَ سُنَّةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ مَذْهَبِنَا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ، كَيْفَ وَفِيهِ حَدِيثٌ صَرِيحٌ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ اتِّفَاقًا بَلِ اعْتَضَدَ بِشَوَاهِدَ يَرْتَقِي بِهَا إِلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ، وَذُكِرَ فِي " الْأَذْكَارِ " عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ. قَالُوا: وَإِنْ خَتَمُوا الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَانَ حَسَنًا. وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اسْتَحَبَّ أَنْ يُقْرَأَ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ الدَّفْنِ أَوَّلُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتُهَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ: يُقْرَأُ أَوَّلُ الْبَقَرَةِ عِنْدَ رَأْسِ الْمَيِّتِ وَخَاتِمَتُهَا عِنْدَ رِجْلِهِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) . وَقَالَ مِيرَكُ شَاهْ: بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

134 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَيُسَلَّطُ عَلَى الْكَافِرِ فِي قَبْرِهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ تِنِّينًا تَنْهَسُهُ وَتَلْدَغُهُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، لَوْ أَنَّ تِنِّينًا مِنْهَا نَفَخَ فِي الْأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ خَضِرًا» " رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ نَحْوَهُ، وَقَالَ: (سَبْعُونَ) بَدَلَ (تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
134 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَيُسَلَّطُ) : بِفَتْحِ اللَّامَيْنِ وَتَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ (عَلَى الْكَافِرِ فِي قَبْرِهِ) ، أَيْ: وَاللَّهِ لَيُجْعَلَ مُوَكَّلًا عَلَيْهِ لِلتَّعْذِيبِ وَالْأَذَى (تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ تِنِّينًا) : بِكَسْرِ التَّاءِ وَالنُّونِ الْمُشَدَّدَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ كَثِيرَةُ السُّمِّ، وَوَجْهُ تَخْصِيصِ الْعَدَدِ لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِالْوَحْيِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى تِسْعَةٌ وَتِسْعِينَ اسْمًا، فَالْكَافِرُ أَشْرَكَ بِمَنْ لَهُ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ فَسَلَّطَ عَلَيْهِ بِعَدَدِ كُلِّ اسْمٍ تِنِّينًا، أَوْ يُقَالُ قَدْ رُوِيَ: إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا وَاحِدَةً فِي الدُّنْيَا بَيْنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ فِيهَا يَتَعَاطَفُونَ وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ وَبِهَا تَعْطُفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِلَى الْآخِرَةِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَيُسَلَّطْ عَلَى الْكَافِرِ بِمُقَابَلَةِ كُلِّ رَحْمَةٍ لِلْمُؤْمِنِينَ تِنِّينًا كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ.
وَقَالَ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ: عَدَدُ التِّنِّينِ بِعَدَدِ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ الَّتِي فِيهِ فَإِنَّهَا تَنْقَلِبُ فِي الْآخِرَةِ إِلَى الْحَيَاةِ لِأَنَّ الدُّنْيَا عَالَمُ الصُّورَةِ وَالْآخِرَةَ عَالَمُ الْمَعْنَى. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَإِنَّ أَوَّلَ التِّنِينَاتِ بِمَا يَنْزِلُ بِالشَّخْصِ مِنَ التَّبِعَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ، فَفِيهِ مِنْ طَرِيقِ الْعَرَبِيَّةِ مَسَاغٌ، وَلَكِنَّ الْأَخْذَ بِالظَّوَاهِرِ أَوْلَى بِأُولِي الْأَلْبَابِ، وَأَمَّا اسْتِحَالَةُ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْعُقُولِ فَإِنَّهَا سَبِيلُ

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 216
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست