responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 210
إِذَا لَمْ يَعْرِفْ أَحَدًا (وَالْآخَرُ: النَّكِيرُ) : فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ نَكِرَ بِالْكَسْرِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ فَهُمَا كِلَاهُمَا ضِدُّ الْمَعْرُوفِ، سُمِّيَا بِهِمَا لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَعْرِفْهُمَا، وَلَمْ يَرَ صُورَةً مِثْلَ صُورَتِهِمَا، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَمَثَّلَ الْمَلَكَانِ لِلْمَيِّتِ بِهَذَا اللَّوْنِ حَقِيقَةً لِأَنَّهُمَا مَبْغُوضَانِ، وَالزُّرْقَةُ أَبْغَضُ الْأَلْوَانِ عِنْدَ الْعَرَبِ لِأَنَّ الرُّومَ أَعْدَاؤُهُمْ وَهُمْ زُرْقُ الْعُيُونِ غَالِبًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالزُّرْقَةِ الْعَمَى. قَالَ تَعَالَى: {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه: 102] ، أَيْ: عُمْيًا. وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: فَيُقَيَّضُ أَيْ يُقَدَّرُ لَهُ أَعْمَى أَصَمُّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالسَّوَادِ قُبْحَ الصُّورَةِ وَفَظَاعَةَ الْمَنْظَرِ عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ، وَبِالزُّرْقَةِ تَقْلِيبَ الْبَصَرِ فِيهِ وَتَحْدِيدَ النَّظَرِ إِلَيْهِ. يُقَالُ: زَرِقَتْ عَيْنُهُ نَحْوِي إِذَا انْقَلَبَتْ وَظَهَرَ بَيَاضُهَا، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ (فَيَقُولَانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟) : قِيلَ يُصَوَّرُ صُورَتُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَيُشَارُ إِلَيْهِ (فَيَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ) : هَذَا هُوَ الْجَوَابُ، وَذِكْرُ الشَّهَادَتَيْنِ إِطْنَابٌ لِلْكَلَامِ ابْتِهَاجًا وَسُرُورًا وَافْتِخَارًا وَتَلَذُّذًا (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَأَشْهَدُ أَنَّ (مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) . وَلِذَا قَدْ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فِيمَا هُنَالِكَ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى - قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} [طه: 17 - 18] إِلَخْ. فَأَطْنَبَ ; اسْتِلْذَاذًا بِمُخَاطَبَةِ الْحَقِّ وَاسْتِذْكَارًا بِنِعْمَتِهِ، كَذَا قَالَهُ الشُّرَّاحُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ لَيْسَ جَوَابًا شَرْعِيًّا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَعَلَى التَّوْحِيدِ عِنْدَ الْكُلِّ، فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا دَلَالَةً عَلَى الْإِيمَانِ عَلَى جِهَةِ الْإِيقَانِ بِخِلَافِ الْمُنَافِقِ الْآتِي ذِكْرُهُ حَيْثُ يَدَّعِي الْإِيمَانَ، لَكِنْ مِنْ غَيْرِ دِرَايَةٍ وَبُرْهَانٍ. (فَيَقُولَانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا؟) ، أَيِ: الْإِقْرَارُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالرِّسَالَةِ، وَعِلْمُهُمَا بِذَلِكَ إِمَّا بِإِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُمَا بِذَلِكَ، أَوْ بِمُشَاهَدَتِهِمَا فِي جَبِينِهِ أَثَرَ السَّعَادَةِ وَشُعَاعَ نُورِ الْإِيمَانِ وَالْعِبَادَةِ (ثُمَّ يُفْسَحُ) : مَجْهُولٌ مُخَفَّفٌ، وَقِيلَ: مُشَدَّدٌ أَيْ يُوَسَّعُ (لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا) : يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِذِرَاعِ الدُّنْيَا الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِذِرَاعِ الْمَلَكِ، الْأَكْبَرِ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَصْلُهُ يُفْسَحُ قَبْرُهُ مِقْدَارَ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، فَجَعَلَ الْقَبْرَ ظَرْفًا لِلسَّبْعِينَ، وَأَسْنَدَ الْفِعْلَ إِلَى السَّبْعِينَ مُبَالَغَةً فِي السَّعَةِ (فِي سَبْعِينَ) ، أَيْ: ذِرَاعًا كَمَا فِي نُسْخَةٍ.، أَيْ: فِي عَرْضِ سَبْعِينَ يَعْنِي طُولُهُ وَعَرْضُهُ كَذَلِكَ، قِيلَ: لِأَنَّهُ غَالِبُ أَعْمَارِ أُمَّتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَيَفْسَحُ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ كُلِّ سَنَةٍ عَبَدَ اللَّهَ فِيهَا ذِرَاعًا، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَثْرَةُ، وَلِذَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: مَدَّ بَصَرِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَخْتَلِفَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ) ، أَيْ: يُجْعَلُ النُّورُ لَهُ فِي قَبْرِهِ الَّذِي وُسِّعَ عَلَيْهِ (ثُمَّ يُقَالُ لَهُ نَمْ) أَمْرٌ مِنْ نَامَ يَنَامُ (" فَيَقُولُ ") ، أَيِ: الْمَيِّتُ لِعَظِيمِ مَا رَأَى مِنَ السُّرُورِ (" أَرْجِعُ ") ، أَيْ: أُرِيدُ الرُّجُوعَ كَذَا قِيلَ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ مُقَدَّرٌ (إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ) ، أَيْ: بِأَنَّ حَالِي طَيِّبٌ وَلَا حَزَنَ لِي لِيَفْرَحُوا بِذَلِكَ قَالَ: {يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس: 26] فَيَقُولَانِ: أَيْ لَهُ مُعْرِضِينَ عَنِ الْجَوَابِ لِاسْتِحَالَتِهِ كَذَا قَالَهُ الْعَسْقَلَانِيُّ،

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 210
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست