responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 206
وَفِي قَوْلِ الْأَخِيرِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: حِكْمَةُ الِاثْنَيْنِ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ عِوَضَ الْمَلَكَيْنِ الْكَاتِبَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (وَيُضْرَبُ) : أَيِ الْكَافِرُ (بِمَطَارِقَ) : وَفِي " الْمَصَابِيحِ: بِمِطْرَقَةٍ وَهِيَ آلَةُ الضَّرْبِ (مِنْ حَدِيدٍ) : لِأَنَّهُ مِنْ بَيْنِ الْفِلِزَّاتِ أَشَدُّ شَدِيدٍ (ضَرْبَةً) ، أَيْ: بَيْنَ أُذُنَيْهِ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَفْرَدَ الضَّرْبَةَ وَجَمَعَ الْمَطَارِقَ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ:
مَعِي جِيَاعًا لِيُؤْذِنَ بِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ تِلْكَ الْمِطْرَقَةِ مِطْرَقَةٌ بِرَأْسِهَا مُبَالَغَةً اهـ.
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَطَارِقَ عَلَى حَقِيقَتِهِ مِنْ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ سَوَاءٌ يَكُونُ أَقَلَّهُ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، وَالْمُرَادُ مِنْ " ضَرْبَةً " دُفْعَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الضَّرْبِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ حَجَرٍ قَالَ: كَانَ وَجْهُ إِفْرَادِهَا مَعَ جَمْعِ الْمَطَارِقِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهَا تَجْتَمِعُ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَصَارَتْ كَالضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ صُورَةً. ثُمَّ قَالَ: وَفِي كَلَامِ الطِّيبِيِّ نَظَرٌ لِأَنَّ فِيهِ إِخْرَاجَ الْمَطَارِقِ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَهِيَ الدَّلَالَةُ عَلَى الْجَمْعِ الَّذِي هُوَ أَبْلَغُ فِي النَّكَالِ وَالْعَذَابِ مِنْ غَيْرِ دَاعٍ لِذَلِكَ (فَيَصِيحُ) ، أَيْ: يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْبُكَاءِ مِنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ (صَيْحَةً يَسْمَعُهَا) ، أَيْ: تِلْكَ الصَّيْحَةَ (مَنْ يَلِيهِ) ، أَيْ: يَقْرُبُ مِنْهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالْمَلَائِكَةِ، وَعَبَّرَ بِمَنْ تَغْلِيبًا لِلْمَلَائِكَةِ لِشَرَفِهِمْ، وَلَا يُذْهَبُ فِيهِ إِلَى الْمَفْهُومِ مِنْ أَنَّ مَنْ بَعُدَ لَا يَسْمَعُ لِمَا وَرَدَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مِنْ أَنَّهُ يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَالْمَفْهُومُ لَا يُعَارِضُ الْمَنْطُوقَ (غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ) ، أَيِ: الْإِنْسُ وَالْجِنُّ سُمِّيَ بِهِمَا لِأَنَّهُمَا ثَقُلَا عَلَى الْأَرْضِ وَنَصَبَ غَيْرَ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَقِيلَ: بِالرَّفْعِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ وَاسْتُثْنِيَا لِأَنَّهُمَا بِمَعْزِلٍ عَنْ سَمَاعِ ذَلِكَ لِئَلَّا يَفُوتَ الْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْإِيمَانُ بِهِ لَوْ سَمِعُوهُ ضَرُورِيًّا، وَالْإِيمَانُ الضَّرُورِيُّ لَا يُفِيدُ ثَوَابًا فَيَرْتَفِعَ الِابْتِلَاءُ وَالِامْتِحَانُ، وَقِيلَ: لَوْ سَمِعُوهُ لَأَعْرَضُوا عَنِ التَّدَابِيرِ وَالصَّنَائِعِ وَنَحْوِهِمَا، فَيَنْقَطِعَ الْمَعَاشُ وَيَخْتَلُّ نِظَامُ الْعَالَمِ، وَلِذَا قِيلَ: لَوْلَا الْحَمْقَى لَخَرِبَتِ الدُّنْيَا، وَقِيلَ: الْغَفْلَةُ رَحْمَةٌ، وَقِيلَ: لَوْلَا الْأَمَلُ لَاخْتَلَّ الْعَمَلُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) ، أَيْ: بِحَسَبِ الْمَعْنَى (وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ) : قَالَ مِيرَكُ شَاهْ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ رِوَايَةَ مُسْلِمٍ انْتَهَتْ إِلَى قَوْلِهِ: " فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا " فَيُحْمَلُ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْأَكْثَرِ فَتَدَبَّرْ.

127 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
127 - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ» ) ، أَيْ: أُظْهِرَ لَهُ مَكَانُهُ الْخَاصُّ مِنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي عَرْضَ مَقْعَدٍ آخَرَ فَرْضِيًّا كَمَا تَقَدَّمَ (بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ) ، أَيْ: طَرَفَيِ النَّهَارِ، أَوِ الْمُرَادُ بِهِمَا الدَّوَامُ (إِنْ كَانَ) ، أَيِ: الْمَيِّتُ (مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) ، أَيْ: فَالْمَعْرُوضُ عَلَيْهِ مِنْ مَقَاعِدِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ فَمَقْعَدُهُ مِنْ مَقَاعِدِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ ( «وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ» ) قَالَ الطِّيبِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُبَشَّرُ بِمَا لَا يَكْتَنِهُ كُنْهَهُ، وَيَفُوزُ بِمَا لَا يُقَدِّرُ قَدْرَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَبِالْعَكْسِ؟ لِأَنَّ الشَّرْطَ وَالْجَزَاءَ إِذَا اتَّحَدَا دَلَّ الْجَزَاءُ عَلَى الْفَخَامَةِ كَقَوْلِهِ: مَنْ أَدْرَكَ الضَّمَانَ فَقَدْ أَدْرَكَ (فَيُقَالُ) ، أَيْ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا (هَذَا) ، أَيِ: الْمَقْعَدُ الْمَعْرُوضُ عَلَيْكَ (مَقْعَدُكَ) الَّذِي أَنْتَ مُسْتَقِرٌّ فِي نَعِيمِ عَرْضِهِ أَوْ جَحِيمِهِ وَمُسْتَمِرٌّ (حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَيْهِ) .
قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: الضَّمِيرُ فِي إِلَيْهِ إِمَّا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمَقْعَدِ، فَالْمَعْنَى هَذَا مَقْعَدُكَ تَسْتَقِرُّ فِيهِ حَتَّى تُبْعَثَ إِلَى مِثْلِهِ فِي الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} [البقرة: 25] أَيْ: مِثْلُ الَّذِي، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 206
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست