responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 14
" «مَا خَابَ مَنِ اسْتَخَارَ، وَلَا نَدِمَ مَنِ اسْتَشَارَ، وَلَا عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ» "، وَلِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَعْلَمُ خَيْرَهُ مِنْ شَرِّهِ " قَالَ تَعَالَى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216] وَالْخَيْرُ أَجْمَعُ فِيمَا اخْتَارَ خَالِقُنَا. (وَاسْتَوْفَقْتُ مِنْهُ) : بِتَقْدِيمِ الْفَاءِ عَلَى الْقَافِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ، أَيْ: طَلَبْتُ مِنَ اللَّهِ التَّوْفِيقَ، وَعَلَى الِاسْتِقَامَةِ طَرِيقِ التَّوْثِيقِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْعَكْسِ، وَالْمَعْنَى: طَلَبْتُ الْوُقُوفَ عَلَى إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ، وَمَعْرِفَةِ الْمَعْرُوفِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْمُثَلَّثَةِ، وَالْقَافِ أَيْ: طَلَبْتُ الْوُثُوقَ، وَالثُّبُوتَ عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمَرْدُودِ، وَالْمَثْبُوتِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْ: أَخَذْتُ مِنَ الْمَصَابِيحِ مَا هُوَ الْوَثِيقَةُ الْمَقْصُودَةُ بِالذَّاتِ، وَهُوَ الْأَحَادِيثُ عُرْيَةً عَنْ وَسْمِهَا بِصِحَاحٍ، وَحِسَانٍ، (فَأَوْدَعْتُ كُلَّ حَدِيثٍ مِنْهُ) أَيْ: مِنَ الْمِصْبَاحِ (فِي مَقَرِّهِ) : كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ هَذِهِ الْفِقْرَةُ مَوْجُودَةٌ، وَالْمَعْنَى: وَضَعْتُ كُلَّ حَدِيثٍ مِنَ الْكِتَابِ فِي مَحَلِّهِ الْمَوْضُوعِ فِي أَصْلِهِ مَنْ كُلِّ كِتَابٍ، وَبَابٍ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمٍ، وَتَأْخِيرٍ، وَزِيَادَةٍ، وَنُقْصَانٍ، وَتَغْيِيرٍ (فَأَعْلَمْتُ) أَيْ: فَبَيَّنْتُ مَا (أَغْفُلُهُ) أَيْ: تَرَكَهُ بِلَا إِسْنَادٍ عَمْدًا مِنْ ذِكْرِ الصَّحَابِيِّ أَوَّلًا، وَبَيَانِ الْمُخْرِجِ آخِرًا بِخُصُوصِ كُلِّ حَدِيثٍ الْتِزَامًا. (كَمَا رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ) : جَمْعُ إِمَامٍ، وَأَصْلُهُ أَئِمَّةٌ عَلَى وَزْنِ أَفْعِلَةٍ فَأُعِلَّ بِالنَّقْلِ، وَالْإِدْغَامِ، وَيَجُوزُ تَحْقِيقُ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ، وَتَسْهِيلُهَا، وَإِبْدَالُهَا، وَالْمُرَادُ مِنْهُمْ هَاهُنَا أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ فِي كُلِّ زَمَانٍ مِنَ الْقَدِيمِ، وَالْحَدِيثِ (الْمُتْقِنُونَ) أَيِ: الضَّابِطُونَ الْحَافِظُونَ الْحَاذِقُونَ لِمَرْوِيَّاتِهِمْ مِنْ: أَتْقَنَ الْأَمْرَ إِذَا أَحْكَمَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88] (وَالثِّقَاتُ) : بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ جَمْعُ ثِقَةٍ، وَهُوَ الْعُدُولُ، وَالثَّبَاتُ. (الرَّاسِخُونَ) أَيِ: الثَّابِتُونَ بِمُحَافَظَةِ هَذَا الْعِلْمِ الشَّرِيفِ، وَالْقَائِمُونَ بِمُرَاعَاةِ طُرُقِ هَذَا الْفَنِّ الْمَنِيفِ. (مِثْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَبُوهُ كَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ، رَوَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَمَالِكٍ، وَصَحِبَ ابْنَ الْمُبَارَكِ، وَرَوَى عَنْهُ الْعِرَاقِيُّونَ. قَالَ: لَا أَعْلَمُ فِي جَمِيعِ مَالِي دِرْهَمًا مِنْ شُبْهَةٍ. (الْبُخَارِيُّ) : نِسْبَةٌ إِلَى بُخَارَى: بَلْدَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ بِلَادِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ ; لِتَوَلُّدِهِ فِيهَا، وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْعَلَمِ لَهُ، وَلِكِتَابِهِ. قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ الْمُحَدِّثُ: يُقَالُ لَهُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ، وَنَاصِرُ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ، وَنَاشِرُ الْمَوَارِيثِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، قِيلَ: لَمْ يُرَ فِي زَمَانِهِ مِثْلُهُ مِنْ جِهَةِ حِفْظِ الْحَدِيثِ، وَإِتْقَانِهِ، وَفَهْمِ مَعَانِي كِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَمِنْ حَيْثِيَّةِ حِدَّةِ ذِهْنِهِ، وَرِقَّةِ نَظَرِهِ، وَوُفُورِ فِقْهِهِ، وَكَمَالِ زُهْدِهِ، وَغَايَةِ وَرَعِهِ، وَكَثْرَةِ اطِّلَاعِهِ عَلَى طُرُقِ الْحَدِيثِ، وَعِلَلِهِ، وَقُوَّةِ اجْتِهَادِهِ، وَاسْتِنْبَاطِهِ، وَكَانَتْ أَمُّهُ مُسْتَجَابَةَ الدَّعْوَةِ تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَهُوَ صَغِيرٌ فَنَشَأَ فِي حِجْرِ وَالِدَتِهِ، ثُمَّ عَمِيَ، وَقَدْ عَجَزَ الْأَطِبَّاءُ عَنْ مُعَالَجَتِهِ فَرَأَتْ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَائِلًا لَهَا: قَدْ رَدَّ اللَّهُ عَلَى ابْنِكِ بَصَرَهُ بِكَثْرَةِ دُعَائِكِ لَهُ فَأَصْبَحَ وَقَدْ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ فَنَشَأَ مُتَرَبِّيًا فِي حِجْرِ الْعِلْمِ مُرْتَضِعًا مِنْ ثَدْيِ الْفَضْلِ، ثُمَّ أُلْهِمَ طَلَبَ الْحَدِيثِ، وَلَهُ عَشْرُ سِنِينَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْمَكْتَبِ، وَلَمَّا بَلَغَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً رَدَّ عَلَى بَعْضِ مَشَايِخِهِ بَبُخَارَى غَلَطًا وَقَعَ لَهُ فِي سَنَدٍ حَتَّى أَصْلَحَ كِتَابَهُ مِنْ حِفْظِ الْبُخَارِيِّ، وَبَيَانُهُ: أَنَّ شَيْخًا مِنْ مَشَايِخِهِ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ حَدِيثِهِ قَالَ فِي إِسْنَادِ حَدِيثٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّهَيْرِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لَهُ الْبُخَارِيُّ: أَبُو الزُّهَيْرِ لَيْسَ لَهُ رِوَايَةٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فَهَيَّبَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ فَقَالَ لَهُ الْبُخَارِيُّ: ارْجِعْ إِلَى الْأَصْلِ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ، فَقَامَ الشَّيْخُ مِنَ الْمَجْلِسِ، وَدَخَلَ بَيْتَهُ، وَطَالَعَ فِي أَصْلِهِ، وَتَأَمَّلَ فِيهِ حَقَّ تَأَمُّلِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَجْلِسِهِ فَقَالَ لِلْبُخَارِيِّ: فَكَيْفَ الرِّوَايَةُ؟ فَقَالَ: لَيْسَ أَبُو الزُّهَيْرِ بِالْهَاءِ، إِنَّمَا هُوَ الزُّبَيْرُ بِالْبَاءِ، وَهُوَ الزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ فَقَالَ: صَدَقْتَ، وَأَخَذَ الْقَلَمَ، وَأَصْلَحَ كِتَابَهُ. وَلَمَّا بَلَغَ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً حَفِظَ كُتُبَ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعٍ، وَعَرَفَ كَلَامَ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، ثُمَّ خَرَجَ مَعَ أُمِّهِ، وَأَخِيهِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ إِلَى مَكَّةَ فَرَجَعَ أَخُوهُ، وَأَقَامَ هُوَ لِطَلَبِ الْحَدِيثِ، فَلَمَّا طَعَنَ فِي ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً صَنَّفَ قَضَايَا الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَأَقَاوِيلَهُمْ، وَصَنَّفَ فِي الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عِنْدَ التُّرْبَةِ الْمُطَهَّرَةِ

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 14
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست