- 10 -
المباركفوري - رحمه الله - إليه، فقضى لديه سنتين خير مساعد له في تكميل الجزئين الأخيرين لشرح جامع الترمذي - تحفة الأحوذي - مع زميله الفاضل الشيخ عبد الصمد المباركفوري، والعالم الشيخ محمد اللاهوري البنجابي، وقرأ عليه أطرافاً من الصحاح الستة وغيرها، وبذل جهده في الاستغراف من بحار علومه والتأدب بآدابه والاستفادة من فوائده، ثم استدعاه الشيخ عطاء الرحمن للتدريس في دار الحديث الرحمانية , وفوض إليه تدريس كتب الحديث، خاصة جامع الترمذي وسنن أبي داود والصحيح الإمام البخاري والموطأ للإمام مالك مع خدمة الإفتاء، فاشتغل به إلى أن انقسم الهند إلى الدولتين: الباكستان والهند في أغسطس عام 1947م الموافق لعام 1366هـ، وقفلت دار الحديث الرحمانية لأجل هجرة مشرفه الشيخ عبد الوهاب نجل الشيخ عطاء الرحمن - رحمهما الله - إلى كراتشي (الباكستان) .
وهو مرجع للمسلمين فيما يشكل عليهم من الأمور الدينية والمسائل الشرعية؛ لما أن فتاواه تكون مدعمة بالدلائل من الكتاب والسنة، ولا يبالي في ذلك لومة لائم، وقد طبع كثير منها في مجلتي "محدث" و"مصباح" وغيرهما.
وقد بدأ تأليف شرح المشكاة - مرعاة المفاتيح - الذي بأيدي القارئين في عام 1948م الموافق لعام 1367هـ بأمر الحافظ محمد زكريا اللائلبوري - رحمه الله -، وأمر والده التقي الورع الزاهد الشيخ محمد باقر - أطال الله حياته -، وهو إلى الآن مشتغل به حسبما تسنح له فرصة، ويجد إفاقة من الأمراض التي لازمته من مدة طويلة - عجل الله شفاءه ووفقه لخدمة سنة رسوله وتكميل الشرح -، إلى جانب رده على المسائل التي ترد إليه كل يوم، وله بحوث قيمة في بعض المسائل طبعت في أجزاء، منها "بيان الشرعة في بيان محل أذان خطبة الجمعة"، عين فيها محل أذان خطبة الجمعة من المسجد، وبحث بسيط في عقد التأمين، وغير ذلك.
وقد وفقه الله لزيارة الحرمين الشريفين أربع مرات: الأولى في رمضان سنة 1366هـ الموافق لعام 1947م مع العلامة الشيخ خليل بن محمد بن حسين بن محسن الأنصاري، وفدا إلى المغفور له الملك عبد العزيز - برد الله مضجعه -، في شأن مدرسة دار الحديث الأهلية بالمدينة المنور، فقابل الوفد المغفور له الملك عبد العزيز ونائبه في الحجاز إذ ذاك جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز - حفظه الله -، ولقي في الرياض الشيخ محمد بن عبد اللطيف ومحمد بن إبراهيم وعمر بن حسن، وفي الطائف عبد الله بن حسن آل الشيخ، وفي المدينة عبد الله بن مزاحم وغيرهم من المشايخ، واعتمر أولاً في آخر رمضان ثم في شوال حين رجوعه من المدينة، ورجع الوفد بعد قضاء مهمته ونجاحه فيها في أوائل ذي القعدة في نفس السنة، ثم إن والدنا الشارح - طالت حياته في صحة وعافية - قد أدى فريضة الحج عام 1375هـ الموافق لعام 1956م عن نفسه، وبعده في عام 1382هـ الموافق لعام 1963م وعام 1391هـ الموافق لعام 1971م نيابة، تقبل الله حجه ومد في أجله ووفقه لإتمام عمله، آمين.