responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : الرحماني المباركفوري، عبيد الله    الجزء : 1  صفحة : 241
فأصلى الليل أبداً. وقال الآخر: أنا أصوم النهار أبداً، ولا أفطر. وقال الآخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد خص بالمغفرة العامة فلا عليه أن لا يكثر العبادة، وأما أنا فلست مثله (فأصلي الليل) الظاهر أنه وما بعده عزم على ما ذكر، ويحتمل الإخبار عن ذلك. (أبداً) قيد لليل لا لقوله: "أصلى" أي طول الليل (أنا أصوم النهار أبداً) كذا وقع في بعض النسخ بتأكيد الصيام بقوله: "أبداً"، والظاهر أنه خطأ وقد استغنى عنه بقوله: (ولا أفطر) وفي البخاري: أصوم الدهر ولا أفطر. قال الحافظ: لم يؤكد الصيام أي بالتأييد؛ لأنه لا بد له من فطر الليالي وكذا أيام العيد. (أنا أعتزل النساء) أي أجتنبهن (فلا أتزوج) أي منهن أحداً (أبداً) فإنهن والاشتغال بهن يمنع الشخص عن العبادة، ويوقعه في طلب الدنيا، والحرص على تحصيلها في العادة. (فجأ النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم) وقد علم ذلك بأن جاء إلى أهله فأخبروه، وإما بالوحي. (فقال أنتم) أي أأنتم؟ فحذفت همزة الاستفهام التي للإنكار (الذين قلتم كذا وكذا) كنابة عما تقدم. (أما) بفتح الهمزة وتخفيف الميم، حرف تنبيه واستفتاح بمنزلة "ألا" (إني لأخشاكم) أي إني لأعلم به، وبما هو أعز لديه، وأكرم عنده، فلوكان ما استاثرتموه من الإفراط في الرياضة أحسن مما أنا عليه من الاعتدال في الأمور لما أعرضت عنه. (لله) مفعول به "لأخشاكم" وأفعل لا يعمل في الظاهرة إلا في الظرف. قال ابن المنير: إن هؤلاء بنوا على أن الخوف الباعث على العبادة ينحصر في خوف العقوبة، فلما علموا أنه - صلى الله عليه وسلم - مغفور له ظنوا أن لا خوف، وحملوا قلة العبادة على ذلك، فرد - عليه الصلاة والسلام - عليهم ذلك، وبيّن أن خوف الإجلال أعظم من الإكثار المحقق الانقطاع؛ لأن الدائم وإن قل أكثر من الكثير إذا انقطع – انتهى. وقال المظهر: إن قلة وظائف النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت رحمة للأمة وشفقة عليهم لئلا يتضرروا؛ فإن لأنفسهم عليهم حقاً. ولأزواجهم حقاً. (لكني أصوم) استدراك عن محذوف دل عليه السياق، أي أنا وأنتم بالنسبة إلى العبودية سواء، لكن أنا أعمل كذا. وقيل: المعنى أنا أخشاكم لله، فينبغي على زعمكم أو في الحقيقة أن أقوم في الرياضة إلى أقصى مداه، لكن أقتصد وأتوسط فيها، فأصوم في وقت (وأفطر) أي في آخر (وأصلى) بعض الليل (وأرقد) أي أنام في بعضه. (وأتزوج النساء) ولا أزهد فيهن، وكمال الرجل أن يقوم بحقهن مع القيام بحقوق الله تعالى، والتوكل عليه، والتفويض إليه، وهذا كله ليقتدي بي الأمة. (فمن رغب عن سنتي) المراد بالسنة الطريقة لا التي تقابل الفرض والواجب، أي أعرض عن طريقتي وتركها (فليس مني) أي ليس على ملتي إذا كان غير معتقد لها، والسنة مفرد مضاف يعم على الأرجح فيشمل الشهادتين وسائر أركان الإسلام، فيكون المعرض عن ذلك مرتداً. وكذا إذا كان الإعراض تنطعاً يفضي إلى اعتقاد أرجحية عمله؛ لأن اعتقاد ذلك نوع من الكفر، وأما إن كان ذلك بضرب من التأويل كالورع لقيام شبهة في ذلك الوقت، أو عجزاً عن القيام بذلك، أو لمقصود صحيح فيعذر صاحبه

اسم الکتاب : مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : الرحماني المباركفوري، عبيد الله    الجزء : 1  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست