إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة)) متفق عليه.
128- (4) وعن عائشة - رضي الله عنه -: ((أن يهودية دخلت عليها، فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عذاب القبر. فقال: نعم عذاب القبر حق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
القاري. وقيل: أي وقتهما يعني أول النهار وآخره بالنسبة إلى أهل الدنيا، وإلا فالموتى لا صباح عندهم ولا مساء. (إن كان) أي الميت (فمن أهل الجنة) أي فالمعروض عليه من مقاعد أهل الجنة، فحذف المبتدأ والمضاف المجرور، وأقيم المضاف إليه مقامه، أو فمقعد من مقاعد أهل الجنة يعرض عليه، وهذا أكثر حذفاً (فيقال) أي لكل واحد منهما (هذا) أي المقعد المعروض عليك (مقعدك حتى يبعثك الله إليه) الضمير يرجع إلى المقعد المعروض، أي المقعد المعروض مقعدك بعد، ولا تدخله الآن ولا تصل إليه حتى يبعثك الله إليه. وقيل: حتى غاية للعرض أي يعرض عليك إلى البعث، ويحتمل أن يكون الإشارة إلى القبر، والضمير في "إليه" يرجع إلى المقعد المعروض. والمعنى القبر مقعدك إلى أن يبعثك الله إلى المقعد المعروض، ويجوز أن يرجع الضمير إلى الله، أي لقاء الله، أو إلى يوم الحشر، أي هذا الآن مقعدك إلى يوم الحشر فترى عند ذلك هواناً أو كرامة تنسى عنده هذا المقعد، وفي عرض المقعد تنعيم للمؤمن وتعذيب للكافر والمنافق، ففيه إثبات عذاب القبر، وأن الروح لا تفنى بفناء الجسد؛ لأن العرض لا يقع إلا على حي (متفق عليه) . وأخرجه أيضاً مالك، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وأبوداود دون قوله: "فيقال" إلى آخره.
128- قوله: (فقالت) أي اليهودية، وهو يحتمل أن يكون تفسيراً أو تفريعاً. (أعاذك الله) أي حفظك وأجارك (عن عذاب القبر) أي أحق هو؟ (نعم عذاب القبر حق) أي ثابت ومتحقق وكائن وصدق. فيه أنه أقر اليهودية على أن عذاب القبر حق، وهذا مخالف لما في رواية لمسلم: إنما تفتن يهود. ولما في رواية لأحمد بإسناد على شرط البخاري: كذبت يهود لا عذاب دون يوم القيامة. والجمع بين هذه الروايات أنه أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قول اليهودية أولاً أي قبل أن ينزل شيء عليه في عذاب القبر، ثم أعلم بذلك في آخر الأمر فأقرها وأمر الناس بالتعوذ كما في رواية أحمد التي أشرنا إليها: ((ثم مكث بعد ذلك ما شاءالله أن يمكث، فخر ذات يوم نصف النهار وهو ينادي بأعلى صوته: أيها الناس استعيذوا بالله من عذاب القبر فإن عذاب القبر حق)) . ويوضح ذلك ما في رواية لمسلم: ((إنما يفتن يهود فلبثنا ليالي، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل شعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور؟ قالت عائشة: فسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ من عذاب القبر)) . وقال الحافظ: وقد استشكل ذلك أي ما تقدم من أنه أعلم بحكم عذاب القبر إذ هو بالمدينة في آخر الأمر