حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن لصيبك، ولو مت على غير هذا لدخلت النار. قال: ثم أتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل ذلك. قال: ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك. ثم أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك)) ، رواه أحمد وأبوداود وابن ماجة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلى أنه لا قبول لعمل المبتدع عند الله تعالى أو هو مبنى على القول بكفر منكره (وتعلم) تخصيص بعد تعميم أن ما أصابك من النعمة والبلية أو الطاعة والمعصية مما قدره الله لك أو عليك (لم يكن ليخطئك) أي يتجاوز عنك فلا يصيبك، بل لا بد من إصابته، والحيل غير نافعة في دفعه، وعنوان لم يكن ليخطئك يدل على أنه محال أن يخطئك، والوجه في دلالته أن "لم يكن" يدل على المضي و"ليخطئك" يدل على الاستقبال بواسطة الصيغة سيما مع "أن" المقدرة فيدل على أنه ما كان قبل الإصابة في الأزمنة الماضية قابلاً لأن يخطئك في المستقبل بواسطة تقدير الله تعالى وقضاءه في الأزل، بذلك قاله السندهي. (ولو مت) بضم الميم من مات يموت وبكسرها من مات يميت (على غير هذا) أي على اعتقاد غير هذا الذي ذكرت لك من الإيمان بالقدر (قال) أي ابن الديلمي (فقال مثل ذلك) أي مثل جواب أبي في سؤالي (ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك) فالحديث من طرق هؤلاء الثلاثة صار موقوفاً. (ثم أتيت زيد بن ثابت) أفضل كتبة الوحي وأفرض الصحابة، وهو زيد بن ثابت بن الضحاك بن لوذان الأنصاري النجاري الخزرجي، أو سعيد ويقال أو خارجة المدني كاتب الوحي، استصغر يوم بدر، قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهو ابن أحد عشر سنة، وأول مشاهده الخندق، جمع القرآن وكتبه في عهد الصديق ونقله من المصحف في زمن عثمان، وأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتعلم كتاب يهود فتعلمه في نصف شهر فكان يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كتب إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأه. قال الشعبي: غلب زيد الناس على اثنين: الفرائض والقرآن. وقال مسروق: كان أصحاب الفتوى من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستة فسماه فيهم، وقال مسروق: قدمت المدينة فوجدت زيد بن ثابت من الراسخين في العلم. وقال أبوهريرة يوم مات زيد: مات اليوم حبر الأمة، وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفاً. وفضائله كثيرة، له إثنان وتسعون حديثاً، اتفقا على خمسة، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلم بواحد. روى عنه خلق كثير، مات بالمدينة سنة (45) وقيل سنة (48) وقيل سنة (51) وقيل سنة (55) . (فحدثني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك) فصار الحديث من طريقه مرفوعاً. قال الطيبي: في سؤاله من الصحابة واحداً بعد واحد واتفاقهم في الجواب من غير تغيير ثم انتهاء الجواب إلى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، دليل على الإجماع المستند إلى النص الجلي، فمن خالف ذلك فقد كابر الحق الصريح (رواه أحمد) في مسنده (ج5:ص182) (وأبوداود وابن ماجة) في السنة كلهم من طريق أبي سنان سعيد بن سنان عن وهب بن خالد عن ابن الديلمي، وأبوسنان هذا قال