106- (28) وعن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((يكون في أمتي خسف ومسخ وذلك في المكذبين بالقدر)) ، رواه أبوداود، وروى الترمذي نحوه.
107- (29) وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((القدرية مجوس هذه الأمة، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم)) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
106- قوله: (يكون في أمتي) أي أمة الإجابة (خسف) يقال: خسف الله به أي غاب به في الأرض. (ومسخ) هو تحويل صورة إلى ما هو أقبح منها، وقيل: المراد مسخ القلوب، وفيه نظر. (وذلك) أي ما ذكر من الخسف والمسخ واقع (في المكذبين بالقدر) ، تبين بهذا الحديث أن القدرية المذمومة، إنما هم المكذبة بالقدر لا المؤمنة به، كما زعمت المعتزلة ونسبوا أهل السنة والجماعة إلى القدرية، وقوله: "ذلك" في الحديث يدل على استحقاق ما سبق من الخسف والمسخ لأجل ما بعده من التكذيب، فيكونان في هذه الأمة كما في سائر الأمم، خلاف قول من زعم أن ذلك لا يكون مطلقاً إنما مسخها بقلوبها، وأما ما روي من رفع الخسف والمسخ عن هذه الأمة فالمراد به رفع الخسف والمسخ العامين، فافهم. (رواه أبوداود) أي بهذا اللفظ، قاله القاري، وفيه نظر. (وروى الترمذي نحوه) أي بالمعنى، وقد ذكره المصنف في الفصل الثالث. قال الشيخ الألباني: قوله: "رواه أبوداود وروى الترمذي نحوه"، كذا في جميع النسخ وهو خطأ، والصواب العكس "رواه الترمذى وروى أبوداود نحوه"، فإن الترمذى أخرجه (2/22) بهذا اللفظ بالحرف الواحد، وأما أبوداود فأخرجه في السنة (رقم4613) بنحوه -انتهى. قلت: لم أجد حديث ابن عمر باللفظ الذي ذكره المصنف لا في جامع الترمذي ولا في سنن أبي داود، والظاهر أن المصنف قلد في ذلك الجزري إذ ذكره في جامع الأصول (ج10:ص527) بهذا اللفظ، وأثبت في أوله علامة (ت، د) ولا أدري من أين أخذ الجزري اللفظ المذكور مع أنه ذكر بعد ذلك رواية أبي داود ثم رواية الترمذي مفصلة؟ ويمكن أن يكون هذا الحديث عند أبي داود في رواية غير اللؤلؤي، والله أعلم. والحديث أخرجه أيضاً أحمد (ج2:ص108) بلفظ: ((سيكون في هذه الأمة مسخ، ألا وذاك في المكذبين بالقدر)) . وفي سنده رشدين بن سعد وهو ضعيف.
107- قوله: (القدرية مجوس هذه الأمة) أي أمة الإجابة؛ لأن قولهم أفعال العباد مخلوقه بقدرهم لا بقدر الله وإرادته. يشبه قول المجوس القائلين بأن للعالم إلهين: خالق الخير وهو يزدان أي الله، وخالق الشر وهو اهرمن أي الشيطان، وقيل: المجوس يقولون: الخير من فعل النور والشر من فعل الظلمة، فصاروا ثنوية كذلك القدرية يقولون الخير من الله والشر من غيره أي النفس. (وإن ماتوا فلا تشهدوهم) أي لاتشهدوا جنائزهم ولا تصلوا عليهم؛ لاستلزام ذلك الدعاء لهم بالصحة والمغفرة، قيل: هو محمول على الزجر والتنفير عن اعتقادهم على قول من لم يحكم بكفرهم، وعلى الحقيقة على قول من حكم بكفرهم إذ الفاسق