غير مريم وابنها)) ، متفق عليه.
70- (8) وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صياح المولود حين يقع نزغة من الشيطان)) ، متفق عليه) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وابنها فإنه ذهب يمس على عادته فحيل بينه وبين ذلك، فهذا وجه الاختصاص، ولا يلزم منه تسلطه على غيرهما من المخلصين. وأما قوله "لو ملك إبليس" ... الخ فلا يلزم من كونه جعل له ذلك عند ابتداء الوضع أن يستمر ذلك في حق كل أحد. قال الحافظ: والجواب عن إشكال الإغواء يعرف مما قدمنا أيضاً، وحاصله أن ذلك جعل علامة في الابتداء على من يتمكن من إغوائه - انتهى. وقال المولى سعد الدين: طعن أي الزمخشري أولاً في الحديث بمجرد أنه لم يوافق هواه، وإلا فأي امتناع من أن يمس الشيطان المولود حين يولد بحيث يصرخ كما ترى وتسمع، ولا يكون ذلك في جميع الأوقات حتى يلزم امتلاء الدنيا بالصراخ، ولا تلك المسة للإغواء، وكفى بصحة هذا الحديث رواية الثقات وتصحيح الشيخين له من غير قدح من غيرهما - انتهى. (غير مريم وابنها) حال من مفعول يمس، قاله ابن حجر. واستثناءهما لإجابة دعوة حنة: امرأة عمران، أم مريم العذراًء البتول حيث قالت: {إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} [3: 35] ، وتفرد عيسى وأمه بالعصمة عن المس لا يدل على فضلهما على نبينا - صلى الله عليه وسلم -، إذ له فضائل ومعجزات لم تكن لأحد من النبيين، ولا يلزم أن يكون في الفاضل جميع صفات المفضول، قاله الطيبي. وقال النووي: ظاهر الحديث اختصاص هذه الفضيلة بعيسى وأمه، وأشار القاضي عياض أن جميع الأنبياء يشاركون فيها، أي لعصمتهم من الشيطان، وإنما نص على مريم وعيسى فقط لدعوة حنة، وغيرهما من بقية الأنبياء ملحق بهما. وقال صاحب اللمعات: الظاهر أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - مستثنى من هذا العموم، وأنه يخبر عن أحوال عامة بني آدم سوى نفسه الكريمة، إذ شأنه أرفع وأعلى من أن يدخل في مثل هذا الحكم، إذا هو الطاهر المطهر من كل دنس، والمعصوم من آفات الشيطان وإفساده خصوصاً في أول خلقه وحين ولادته. وقد قيل: إن المتكلم لا يدخل في عموم ما يخبر به الناس - انتهى. (متفق عليه) أخرجه البخاري في صفة إبليس وجنوده من بدء الخلق، وفي الأنبياء، وفي تفسير آل عمران، ومسلم في الأنبياء واللفظ المذكور للبخاري في الأنبياء.
70- قوله: (صياح المولود) أي سبب صيحته في بكاء (حين يقع) ، أي يسقط وينفصل عن أمه (نزعة من الشيطان) بفتح النون وسكون الزاي، أي إصابة ما يؤذيه أو نخسة وطعنة منه يريد بها إيذاءه وإفساد ما ولد عليه من الفطرة الإسلامية، فإن النزغ هو النخس بالعود والدخول في أمر لإفساده (متفق عليه) اختلفت النسخ المطبوعة في الهند في ذكر هذا اللفظ فلم يقع في بعضها، وكذا لم يقع في النسخة التي على حاشية المرقاة، وهو موجود في الأصل الذي أخذه القاري في شرحه. قال القاري: المذكور في الجامع الصغير أنه من إفراد البخاري - انتهى. يعني فقوله " متفق عليه" محل نظر. قلت: هذا الحديث من إفراد مسلم، رواه في الأنبياء ولم يروه البخاري في صحيحه، وعزاه