responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح الباري المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 5  صفحة : 345
وَجْهَهُ وَأَخَذَ يُلَبِّبُهُ قَوْلُهُ إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ أَيْ لَمْ نَفْرُغْ مِنْ كِتَابَتِهِ قَوْلُهُ فَأَجِزْهُ لِي بِصِيغَةِ فِعْلِ الْأَمْرِ مِنَ الْإِجَازَةِ أَيْ أَمْضِ لِي فِعْلِي فِيهِ فَلَا أَرُدُّهُ إِلَيْكَ أَوْ أَسْتَثْنِيهِ مِنَ الْقَضِيَّةِ وَوَقَعَ فِي الْجمع للحميدي فَأَجره بالراء وَرجح بن الْجَوْزِيِّ الزَّايَ وَفِيهِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْعُقُودِ بِالْقَوْلِ وَلَوْ تَأَخَّرَتِ الْكِتَابَةُ وَالْإِشْهَادُ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ أَمْضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُهَيْلٍ الْأَمْرَ فِي رَدِّ ابْنِهِ إِلَيْهِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَطَّفَ مَعَهُ بِقَوْلِهِ لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ رَجَاءَ أَنْ يُجِيبَهُ لِذَلِكَ وَلَا يُنْكِرَهُ بَقِيَّةُ قُرَيْشٍ لِكَوْنِهِ وَلَدَهُ فَلَمَّا أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ تَرَكَهُ لَهُ قَوْلُهُ قَالَ مِكْرَزٌ بَلْ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِلَفْظِ الْإِضْرَابِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بَلَى وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَا مَا أَجَابَ بِهِ سُهَيْلٌ مِكْرَزًا فِي ذَلِكَ قِيلَ فِي الَّذِي وَقَعَ مِنْ مِكْرَزٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِشْكَالٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا وَصَفَهُ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْفُجُورِ وَكَانَ مِنَ الظَّاهِرِ أَنْ يُسَاعِدَ سُهَيْلًا عَلَى أَبِي جَنْدَلٍ فَكَيْفَ وَقَعَ مِنْهُ عَكْسُ ذَلِكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْفُجُورَ حَقِيقَةٌ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنَ الْبِرِّ نَادِرًا أَوْ قَالَ ذَلِكَ نِفَاقًا وَفِي بَاطِنِهِ خِلَافُهُ أَوْ كَانَ سَمِعَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ رَجُلٌ فَاجِرٌ فَأَرَادَ أَنْ يُظْهِرَ خِلَافَ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ فُجُورِهِ وَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ سُهَيْلًا لَمْ يُجِبْ سُؤَالَهُ لِأَنَّ مِكْرَزًا لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ جُعِلَ لَهُ أَمْرُ عَقْدِ الصُّلْحِ بِخِلَافِ سُهَيْلٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْوَاقِدِيَّ رَوَى أَنَّ مِكْرَزًا كَانَ مِمَّنْ جَاءَ فِي الصُّلْحِ مَعَ سُهَيْلٍ وَكَانَ مَعَهُمَا حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى لَكِنْ ذَكَرَ فِي رِوَايَتِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِجَازَةَ مِكْرَزٍ لَمْ تَكُنْ فِي أَنْ لَا يَرُدَّهُ إِلَى سُهَيْلٍ بَلْ فِي تَأْمِينِهِ مِنَ التَّعْذِيبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَنَّ مِكْرَزًا وَحُوَيْطِبًا أَخَذَا أَبَا جَنْدَلٍ فَأَدْخَلَاهُ فُسْطَاطًا وَكَفَّا أَبَاهُ عَنْهُ وَفِي مَغَازِي بن عَائِذٍ نَحْوُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ وَلَفْظُهُ فَقَالَ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ وَكَانَ مِمَّنْ أَقْبَلَ مَعَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو فِي الْتِمَاسِ الصُّلْحِ أَنَا لَهُ جَارٌ وَأَخَذَ قَيْدَهُ فَأَدْخَلَهُ فُسْطَاطًا وَهَذَا لَوْ ثَبَتَ لَكَانَ أَقْوَى مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ الْأُوَلِ فَإِنَّهُ لَمْ يُجِزْهُ بِأَنْ يُقِرَّهُ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ بَلْ لِيَكُفَّ الْعَذَابَ عَنْهُ لِيَرْجِعَ إِلَى طَوَاعِيَةِ أَبِيهِ فَمَا خَرَجَ بِذَلِكَ عَنِ الْفُجُورِ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحِ فَقَالَ مِكْرَزٌ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ يُخَاطِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ قَوْلُهُ قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ أَيْ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ إِلَخْ زَادَ بن إِسْحَاقَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا جَنْدَلٍ اصْبِرْ وَاحْتَسِبْ فَإِنَّا لَا نَغْدِرُ وَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لَكَ فَرْجًا وَمَخْرَجًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْمَلِيحِ فَأَوْصَاهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَوَثَبَ عُمَرُ مَعَ أَبِي جَنْدَلٍ يَمْشِي إِلَى جَنْبِهِ وَيَقُولُ اصْبِرْ فَإِنَّمَا هُمْ مُشْرِكُونَ وَإِنَّمَا دَمُ أَحَدِهِمْ كَدَمِ كَلْبٍ قَالَ وَيُدْنِي قَائِمَةَ السَّيْفِ مِنْهُ يَقُولُ عُمَرُ رَجَوْتُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنِّي فَيَضْرِبَ بِهِ أَبَاهُ فَضَنَّ الرَّجُلُ أَيْ بَخِلَ بِأَبِيهِ وَنَفَذَتِ الْقَضِيَّةُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ تَأَوَّلَ الْعُلَمَاءُ مَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ أَبِي جَنْدَلٍ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَبَاحَ التَّقِيَّةَ لِلْمُسْلِمِ إِذَا خَافَ الْهَلَاكَ وَرَخَّصَ لَهُ أَنْ يتَكَلَّم بالْكفْر مَعَ إِضْمَارِ الْإِيمَانِ إِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّوْرِيَةُ فَلَمْ يَكُنْ رَدُّهُ إِلَيْهِمْ إِسْلَامًا لِأَبِي جَنْدَلٍ إِلَى الْهَلَاكِ مَعَ وُجُودِهِ السَّبِيلَ إِلَى الْخَلَاصِ مِنَ الْمَوْتِ بِالتَّقِيَّةِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ إِنَّمَا رَدَّهُ إِلَى أَبِيهِ وَالْغَالِبُ أَنَّ أَبَاهُ لَا يَبْلُغُ بِهِ الْهَلَاكَ وَإِنْ عَذَّبَهُ أَوْ سَجَنَهُ فَلَهُ مندوحة بالتقية أَيْضا وَأما مَا يخَاف عَلَيْهِ مِنَ الْفِتْنَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ امْتِحَانٌ مِنَ اللَّهِ يَبْتَلِي بِهِ صَبْرَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يَجُوزُ الصُّلْحُ مَعَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى أَنْ يُرَدَّ إِلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ مُسْلِمًا مِنْ عِنْدِهِمْ إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا فَقِيلَ نَعَمْ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ قِصَّةُ أَبِي جَنْدَلٍ وَأَبِي بَصِيرٍ وَقِيلَ لَا وَأَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي الْقِصَّةِ مَنْسُوخٌ وَأَنَّ نَاسِخَهُ حَدِيثُ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ مُسْلِمٍ بَيْنَ مُشْرِكِينَ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْعَاقِلِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ فَلَا يُرَدَّانِ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ ضَابِطُ جَوَازِ الرَّدِّ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ بِحَيْثُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

اسم الکتاب : فتح الباري المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 5  صفحة : 345
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست