responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح الباري المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 5  صفحة : 336
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ لِعُذْرِهِمْ فِي ظَنِّهِمْ قَالَ وَفِيهِ جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِالْمَصْلَحَةِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ الصَّرِيحِ إِذَا كَانَ سَبَقَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَالُوا حَلْ حَلْ فَزَجَرُوهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ وَلَمْ يُعَاتِبْهُمْ عَلَيْهِ قَوْلُهُ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ زَادَ إِسْحَاقُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَكَّةَ أَيْ حَبَسَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ دُخُولِ مَكَّةَ كَمَا حَبَسَ الْفِيلَ عَنْ دُخُولِهَا وَقِصَّةُ الْفِيلِ مَشْهُورَةٌ سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهَا فِي مَكَانِهَا وَمُنَاسَبَةُ ذِكْرِهَا أَنَّ الصَّحَابَةَ لَوْ دَخَلُوا مَكَّةَ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ وَصَدَّهُمْ قُرَيْشٌ عَنْ ذَلِكَ لَوَقَعَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ قَدْ يُفْضِي إِلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ وَنَهْبِ الْأَمْوَالِ كَمَا لَوْ قُدِّرَ دُخُولُ الْفِيلِ وَأَصْحَابِهِ مَكَّةَ لَكِنْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّهُ سَيَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ خَلْقٌ مِنْهُمْ وَيُسْتَخْرَجُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ نَاسٌ يُسْلِمُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَكَانَ بِمَكَّةَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مُؤْمِنُونَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ فَلَوْ طَرَقَ الصَّحَابَةُ مَكَّةَ لَمَا أَمِنَ أَنْ يُصَابَ نَاسٌ مِنْهُمْ بِغَيْرِ عَمْدٍ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ الْآيَةَ وَوَقَعَ لَلْمُهَلَّبِ اسْتِبْعَادُ جَوَازِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَهِيَ حَابِسُ الْفِيلِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ الْمُرَادُ حَبَسَهَا أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ إِطْلَاقُ ذَلِكَ فِي حَقِّ اللَّهِ فَيُقَالُ حَبَسَهَا اللَّهُ حَابِسُ الْفِيلِ وَإِنَّمَا الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُمْنَعَ تَسْمِيَتُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَابِسَ الْفِيل وَنَحْوه كَذَا أجَاب بن الْمُنِيرِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ الْأَسْمَاءَ تَوْقِيفِيَّةٌ وَقَدْ تَوَسَّطَ الْغَزَالِيُّ وَطَائِفَةٌ فَقَالُوا مَحَلُّ الْمَنْعِ مَا لَمْ يَرِدٍ نَصٌّ بِمَا يشتق مِنْهُ بِشَرْط أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الِاسْمُ الْمُشْتَقُّ مُشْعِرًا بِنَقْصٍ فَيَجُوزُ تَسْمِيَتُهُ الْوَاقِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ تق السَّيِّئَات يَوْمئِذٍ فقد رَحمته وَلَا يَجُوزُ تَسْمِيَتُهُ الْبِنَاءَ وَإِنْ وَرَدَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَالسَّمَاء بنيناها بأيد وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ جَوَازُ التَّشْبِيهِ مِنَ الْجِهَةِ الْعَامَّةِ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْجِهَةُ الْخَاصَّةُ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْفِيلِ كَانُوا عَلَى بَاطِلٍ مَحْضٍ وَأَصْحَابُ هَذِهِ النَّاقَةِ كَانُوا عَلَى حَقٍّ مَحْضٍ لَكِنْ جَاءَ التَّشْبِيهُ مِنْ جِهَةِ إِرَادَةِ اللَّهِ مَنْعَ الْحَرَمِ مُطْلَقًا أَمَّا مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ فَلِلْمَعْنَى الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَفِيهِ ضَرْبُ الْمَثَلِ وَاعْتِبَارُ مَنْ بَقِيَ بِمَنْ مَضَى قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى تَعْظِيمِ حُرُمَاتِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ تَرْكُ الْقِتَالِ فِي الْحَرَمِ وَالْجُنُوحُ إِلَى الْمُسَالَمَةِ وَالْكَفُّ عَنْ إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ لِمَنْ قَالَ مِنَ الصُّوفِيَّةِ عَلَامَةُ الْإِذْنِ التَّيْسِيرُ وَعَكْسُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ قَوْلُهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ فِيهِ تَأْكِيدُ الْقَوْلِ بِالْيَمِينِ فَيَكُونُ أَدْعَى إِلَى الْقَبُولِ وَقَدْ حُفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَلِفُ فِي أَكثر من ثَمَانِينَ موضعا قَالَه بن الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ قَوْلُهُ لَا يَسْأَلُونَنِي خُطَّةً بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ خَصْلَةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ أَيْ مِنْ تَرْكِ الْقِتَالِ فِي الْحرم وَوَقع فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ يَسْأَلُونَنِي فِيهَا صِلَةَ الرَّحِمِ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ حُرُمَاتِ اللَّهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْحُرُمَاتِ حُرْمَةُ الْحَرَمِ وَالشَّهْرِ وَالْإِحْرَامِ قُلْتُ وَفِي الثَّالِثِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمْ لَوْ عَظَّمُوا الْإِحْرَامَ مَا صَدُّوهُ قَوْلُهُ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا أَيْ أَجَبْتُهُمْ إِلَيْهَا قَالَ السُّهَيْلِيُّ لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَعَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا فِي كُلِّ حَالَةٍ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَانَ أَمْرًا وَاجِبًا حَتْمًا فَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الِاسْتِثْنَاءِ كَذَا قَالَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ فَقَالَ إِن شَاءَ الله مَعَ تَحَقُّقِ وُقُوعِ ذَلِكَ تَعْلِيمًا وَإِرْشَادًا فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ سَقَطَ مِنَ الرَّاوِي أَوْ كَانَتِ الْقِصَّةُ قَبْلَ نُزُولِ الْأَمْرِ بِذَلِكَ وَلَا يُعَارِضُهُ كَوْنُ الْكَهْفِ مَكِّيَّةً إِذْ لَا مَانِعَ أَنْ يَتَأَخَّرَ نُزُولُ بَعْضِ السُّورَةِ قَوْلُهُ ثُمَّ زَجَرَهَا أَيِ النَّاقَةَ فَوَثَبَتْ أَيْ قَامَت قَوْله فَعدل عَنْهُم فِي رِوَايَة بن سعد فولى رَاجعا وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ فَقَالَ لِلنَّاسِ انْزِلُوا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بِالْوَادِي مِنْ مَاءٍ نَنْزِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَى ثَمَدٍ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ أَيْ حَفِيرَةٍ فِيهَا مَاءٌ مَثْمُودٌ أَيْ قَلِيلٌ وَقَوْلُهُ قَلِيلِ الْمَاءِ تَأْكِيدٌ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يُرَادَ لُغَةُ مَنْ يَقُولُ إِنَّ

اسم الکتاب : فتح الباري المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 5  صفحة : 336
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست