responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح الباري المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 529
(قَوْلُهُ بَابُ كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ)
اسْتَنْبَطَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا أَنَّ الْقُبُورَ لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِلْعِبَادَةِ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ فِيهَا مَكْرُوهَةً وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ وَحكم مَعَ ذَلِك بِصِحَّتِهِ الْحَاكِم وبن حِبَّانَ

[432] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ الْقَطَّانُ وَعُبَيْدُ الله هُوَ بن عُمَرَ الْعُمَرِيُّ قَوْلُهُ مِنْ صَلَاتِكُمْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَالْمُرَادُ النَّوَافِلُ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا إِذَا قَضَى أَحَدَكُمُ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ قُلْتُ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ وَقَدْ حَكَى عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَعْنَاهُ اجْعَلُوا بَعْضَ فَرَائِضِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لِيَقْتَدِيَ بِكُمْ مَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ مِنْ نِسْوَةٍ وَغَيْرِهِنَّ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الرَّاجِحُ وَقَدْ بَالَغَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ فَقَالَ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الْفَرِيضَةِ وَقَدْ نَازَعَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْمُصَنِّفَ أَيْضًا فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فَقَالَ الْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي الْقَبْرِ لَا فِي الْمَقَابِرِ قُلْتُ قَدْ وَرَدَ بِلَفْظِ الْمَقَابِرِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِر وَقَالَ بن التِّينِ تَأَوَّلَهُ الْبُخَارِيُّ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ وَتَأَوَّلَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا فِيهِ النَّدْبُ إِلَى الصَّلَاةِ فِي الْبُيُوتِ إِذِ الْمَوْتَى لَا يُصَلُّونَ كَأَنَّهُ قَالَ لَا تَكُونُوا كَالْمَوْتَى الَّذِينَ لَا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ وَهِيَ الْقُبُورُ قَالَ فَأَمَّا جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ أَوِ الْمَنْعِ مِنْهُ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ قُلْتُ إِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْمَنْطُوقِ فَمُسَلَّمٌ وَإِنْ أَرَادَ نَفْيَ ذَلِكَ مُطْلَقًا فَلَا فَقَدْ قَدَّمْنَا وَجْهَ اسْتِنْبَاطِهِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ تَبَعًا لِلْمَطَالِعِ إِنَّ تَأْوِيلَ الْبُخَارِيِّ مَرْجُوحٌ وَالْأَوْلَى قَوْلُ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ إِنَّ الْمَيِّتَ لَا يُصَلَّى فِي قَبْرِهِ وَقد نقل بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمُ اسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمَقْبَرَةَ لَيْسَتْ بِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ وَكَذَا قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ وَالْخَطَّابِيُّ وَقَالَ أَيْضًا يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ وَطَنًا لِلنَّوْمِ فَقَطْ لَا تُصَلُّونَ فِيهَا فَإِنَّ النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ وَالْمَيِّتَ لَا يُصَلِّي وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ حَاصِلُ مَا يَحْتَمِلُهُ أَرْبَعَةُ مَعَانٍ فَذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْمَاضِيَةَ وَرَابِعُهَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فِي بَيْتِهِ جَعَلَ نَفْسَهُ كَالْمَيِّتِ وَبَيْتَهُ كَالْقَبْرِ قُلْتُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ كَمَثَلِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَأَمَّا مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ دَفْنِ الْمَوْتَى فِي الْبُيُوتِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ فَقَدْ دُفِنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ الَّذِي كَانَ يَسْكُنُهُ أَيَّامَ حَيَاتِهِ قُلْتُ مَا ادَّعَى أَنَّهُ تَأْوِيلٌ هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِ الْحَدِيثِ وَلَا سِيَّمَا إِنْ جَعَلَ النَّهْيَ حُكْمًا مُنْفَصِلًا عَنِ الْأَمْرِ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى رَدِّهِ تَعَقَّبَهُ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ لَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يُدْفَنُونَ حَيْثُ يموتون قلت هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ بن ماجة مَعَ حَدِيث بن عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مَرْفُوعًا مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ وَفِي إِسْنَادِهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى مُرْسَلَةٌ ذَكَرَهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْكُبْرَى مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَشْجَعِيِّ الصَّحَابِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فَأَيْنَ يُدْفَنُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي قَبَضَ اللَّهُ فِيهِ رُوحَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ رُوحَهُ إِلَّا فِي مَكَانٍ طَيِّبٍ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ مَوْقُوفٌ وَالَّذِي قَبْلَهُ أَصْرَحُ فِي الْمَقْصُودِ وَإِذَا حُمِلَ دَفْنُهُ فِي بَيْتِهِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ لَمْ يَبْعُدْ نَهْيُ غَيْرِهِ عَنْ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّ اسْتِمْرَارَ الدَّفْنِ فِي

اسم الکتاب : فتح الباري المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 529
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست