responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عون المعبود وحاشية ابن القيم المؤلف : العظيم آبادي، شرف الحق    الجزء : 1  صفحة : 82
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــــــــــــQلِأَنَّ الْمَفْسَدَة الْمَنْهِيّ عَنْ الْبَوْل لِأَجْلِهَا لَا تزول فِي هَذِهِ الْمِيَاه بِخِلَافِ مَاء الْبَحْر فَإِنَّهُ لَا مَفْسَدَة فِي الْبَوْل فِيهِ
وَصَارَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ نَهْيه عَنْ التَّخَلِّي فِي الظِّلّ
وَبَوْله فِي ظِلّ الشَّجَرَتَيْنِ وَاسْتِتَاره بِجِذْمِ الْحَائِط فَإِنَّهُ نَهَى عَنْ التَّخَلِّي فِي الظِّلّ النَّافِع وَتَخَلَّى مُسْتَتِرًا بِالشَّجَرَتَيْنِ وَالْحَائِط حَيْثُ لَمْ يَنْتَفِع أَحَد بِظِلِّهِمَا فَلَمْ يُفْسِد ذَلِكَ الظِّلّ عَلَى أَحَد
وبهذا الطريق يعلم أنه إذا كان قَدْ نَهَى عَنْ الْبَوْل فِي الْمَاء الدَّائِم مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُحْتَاج إِلَيْهِ فَلَأَنْ يَنْهَى عَنْ الْبَوْلِ فِي إِنَاء ثُمَّ يَصُبّهُ فِيهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى
وَلَا يَسْتَرِيب فِي هَذَا مَنْ عَلِمَ حِكْمَة الشَّرِيعَة وَمَا اِشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ مصالح العباد ونصائحهم
ودع الظاهرية البحتة فإنهما تقسي القلوب وتحجبها عن رؤية مَحَاسِن الشَّرِيعَة وَبَهْجَتهَا وَمَا أُودِعَتْهُ مِنْ الْحِكَم وَالْمَصَالِح وَالْعَدْل وَالرَّحْمَة
وَهَذِهِ الطَّرِيق الَّتِي جَاءَتْك عفوا تنظر إليها نظر متكىء عَلَى أَرِيكَته قَدْ تَقَطَّعَتْ فِي مَفَاوِزهَا أَعْنَاق الْمَطِيّ لَا يَسْلُكهَا فِي الْعَالَم إِلَّا الْفَرْد بَعْد الْفَرْد وَلَا يَعْرِف مِقْدَارهَا مَنْ أَفْرَحَتْ قَلْبه الْأَقْوَال الْمُخْتَلِفَة وَالِاحْتِمَالَات الْمُتَعَدِّدَة وَالتَّقْدِيرَات الْمُسْتَبْعَدَة
فَإِنْ عَلَتْ هِمَّته جَعَلَ مَذْهَبه عُرْضَة لِلْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّة وَخَدَمَهُ بِهَا وَجَعَلَهُ أَصْلًا مُحْكَمًا يَرُدّ إِلَيْهِ مُتَشَابِههَا فَمَا وَافَقَهُ مِنْهَا قَبِلَهُ وَمَا خَالَفَهُ تَكَلَّفَ لَهُ وُجُوهًا بِالرَّدِّ غَيْر الْجَمِيل فَمَا أَتْعَبَهُ مِنْ شَقِيّ وَمَا أَقَلّ فَائِدَته وَمِمَّا يُفْسِد قَوْل الْمُحَدِّدِينَ بِقُلَّتَيْنِ أَنَّ النَّبِيّ نَهَى عَنْ الْبَوْل فِي الْمَاء الدَّائِم ثُمَّ يَغْتَسِل الْبَائِل فِيهِ بَعْد الْبَوْل
هَكَذَا لَفْظ الصَّحِيحَيْنِ لَا يَبُولَنَّ أَحَدكُمْ فِي الْمَاء الدَّائِم الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِل فِيهِ وَأُنْتَمَ تُجَوِّزُونَ أَنْ يَغْتَسِل فِي مَاء دَائِم قَدْر القلتين بعد ما بَالَ فِيهِ
وَهَذَا خِلَاف صَرِيح لِلْحَدِيثِ فَإِنْ مَنَعْتُمْ الْغُسْل فِيهِ نَقَضْتُمْ أَصْلكُمْ وَإِنْ جَوَّزْتُمُوهُ خَالَفْتُمْ الْحَدِيث
فَإِنْ جَوَّزْتُمْ الْبَوْل وَالْغُسْل خَالَفْتُمْ الْحَدِيث مِنْ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا
وَلَا يُقَال فَهَذَا بِعَيْنِهِ وَارِد عَلَيْكُمْ لِأَنَّهُ إِذَا بَالَ فِي الْمَاء الْيَسِير وَلَمْ يَتَغَيَّر جَوَّزْتُمْ لَهُ الْغُسْل فِيهِ لِأَنَّا لَمْ نُعَلِّل النَّهْي بِالتَّنْجِيسِ وَإِنَّمَا عَلَّلْنَاهُ بِإِفْضَائِهِ إِلَى التَّنْجِيس كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يَرِد عَلَيْنَا هَذَا
وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمَاء كَثِيرًا فَبَالَ فِي نَاحِيَة ثُمَّ اِغْتَسَلَ فِي نَاحِيَة أُخْرَى لَمْ يَصِل إِلَيْهَا الْبَوْل فَلَا يَدْخُل فِي الْحَدِيث لِأَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِل فِي الْمَاء الَّذِي بَالَ فِيهِ وَإِلَّا لَزِمَ إِذَا بَالَ فِي نَاحِيَة مِنْ الْبَحْر أَنْ لَا يَغْتَسِل فِيهِ أَبَدًا وَهُوَ فَاسِد
وَأَيْضًا فَالنَّبِيّ نَهَى عَنْ الْغُسْل فِيهِ بَعْد الْبَوْل لِمَا يُفْضِي إِلَيْهِ مِنْ إِصَابَة الْبَوْل لَهُ
وَنَظِير هَذَا نَهْيه أَنْ يَبُول الرَّجُل فِي مُسْتَحَمّه
وَذَلِكَ لِمَا يُفْضِي إِلَيْهِ مِنْ تَطَايُر رَشَاش الْمَاء الَّذِي يُصِيب الْبَوْل فَيَقَع فِي الْوَسْوَاس كَمَا فِي الْحَدِيث فَإِنَّ عَامَّة الْوَسْوَاس مِنْهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَكَان مُبَلَّطًا لَا يَسْتَقِرّ فِيهِ الْبَوْل بَلْ يَذْهَب مَعَ الْمَاء لَمْ يُكْرَه ذَلِكَ عِنْد جُمْهُور الْفُقَهَاء
وَنَظِير هَذَا مَنْع الْبَائِل أَنْ يَسْتَجْمِر أَوْ يَسْتَنْجِي مَوْضِع بَوْله لِمَا يُفْضِي إِلَيْهِ مِنْ التَّلَوُّث بِالْبَوْلِ
ولم يرد النبي بِنَهْيِهِ الْإِخْبَار عَنْ نَجَاسَة الْمَاء الدَّائِم بِالْبَوْلِ فَلَا يَجُوز تَعْلِيل كَلَامه بِعِلَّةٍ عَامَّة

اسم الکتاب : عون المعبود وحاشية ابن القيم المؤلف : العظيم آبادي، شرف الحق    الجزء : 1  صفحة : 82
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست