قال القرطبي: " لو لم يكن في الكلام إلا مسألتان، هما من مبادئه، لكان حقيقاً بالذم.
إحداهما: قول بعضهم: إن أول واجب: الشك إذ هو اللازم لوجوب النظر، أو القصد إلى النظر.
والثانية: قول جماعة منهم: من لم يعرف الله بالطرق التي رتبها أهل الكلام، لم يصح إيمانه.
والقائل بهاتين المسألتين كافر؛ لجعله الشك في الله - تعالى - واجباً، ومعظم المسلمين كفاراً، حتى يدخل في عموم كلامه السلف الصالح، من الصحابة والتابعين، وهذا معلوم الفساد من الدين بالضرورة، وإلا فلا يوجد في الشرعيات ضروري" [1] .
وقال الغزالي: " أسرفت طائفة فكفروا عوام المسلمين، وزعموا أن من لم يعرف العقائد الشرعية بالأدلة التي حرروها فهو كافر، فضيقوا رحمة الله الواسعة، وجعلوا الجنة مختصة بشرذمة يسيرة من المتكلمين" [2] .
وقوله: " فإذا عرفوا ذلك، فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم".
أي إذا عرفوا توحيد الله، وعملوا به، بأن أخلصوا عبادتهم لله وحده، واجتنبوا عبادة كل معبود سواه، عند ذلك يخبرون بفرائض الإسلام، ويؤمرون بها، وأعظمها - بعد التوحيد - الصلوات الخمس.
وفي هذا دليل على أنه لا يجب على العبد من الصلاة غير الخمس المذكورة.
ومعلوم أن بعث معاذ إلى اليمن في آخر حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم- كما سبق. [1] من " الفتح" (13/350) بتصرف. [2] نفس المصدر، (13/349) بتصرف أيضاً.