وقال الحافظ: " الجهاد بكسر الجيم: أصله لغة: المشقة، يقال: جهدت جهاداً، بلغت المشقة، وشرعاً: بذل الجهد في قتال الكفار، ويطلق أيضاً على مجاهدة النفس والشيطان والفساق".
فأما مجاهدة النفس، على تعلم أمور الدين، ثم على العمل بها، ثم تعليمها.
وأما مجاهدة الشيطان، فعلى دفع ما يأتي به من الشبهات، وما يزينه من الشهوات.
وأما مجاهدة الكفار، فتقع باليد، والمال، واللسان، والقلب.
وأما مجاهدة الفساق: فباليد، ثم اللسان، ثم القلب" [1] .
قوله: " كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض " المقصود بالدرجة: المنزلة المعدة لمن يستحقها من أهل الإيمان، والعمل، ودرجات الجنة كثيرة، كما تقدمت الإشارة إليه، ولا شك أن كل درجة تختلف عن التي دونها بما فيها من أنواع النعيم والحسن.
وهذا التفاوت العظيم في الدرجات لتفاوت أعمال العاملين في الإيمان، والمقاصد، والخشية، والإخلاص، والمحبة، والإنابة، والجد، وكثرة العمل، وغير ذلك.
قال الحافظ: " عند الترمذي: ما بين كل درجتين مائة عام، وللطبراني: خمسمائة عام، فإن كانتا محفوظتين، كان اختلاف العدد بالنسبة إلى اختلاف السير، وفي رواية للترمذي: لو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن لوسعتهم" [2] .
وقال ابن القيم: لا تناقض بين تقدير ما بين الدرجتين، لاختلاف السير في السرعة، والبطء، والنبي –صلى الله عليه وسلم- ذكر هذا تقريباً للأفهام" [3] .
(1) "الفتح" ج6 فاتحته. [2] المصدر نفسه (ص12-13) .
(3) "حادي الأرواح" (ص61) .