قال ابن عبد البر: " الاستواء: الاستقرار في العلو، وبهذا خاطبنا الله - عز وجل- فقال: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [1] ، وقال: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [2] .
وقال الشاعر:
فأوردتهم ماء بفيفاء قفرة وقد خلق النجم اليماني فاستوى
وهذا لا يجوز أن يتأول فيه أحد: استولى؛ لأن النجم لا يستولي.
وقد ذكر النضر بن شميل -وكان ثقة مأموناً، جليلاً في علم الديانة، واللغة - قال: "حدثني الخليل - وحسبك بالخليل- قال: أتيت أبا ربيعة الأعرابي، وكان من أعلم من رأيت، فإذا هو على سطح، فسلمنا، فرد علينا السلام، وقال لنا: استووا، فبقينا متحيرين، ولم ندر ما قال؟ قال: فقال لنا أعرابي إلى جنبه، إنه أمركم أن ترتفعوا، قال الخليل: هو من قول الله - عز وجل -: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ} [3] ، فصعدنا إليه، فقال: هل لكم في خبز فطير، ولبن هجير، وماء نمير؟ فقلنا: الساعة فارقناه، فقال: سلاماً، فلم ندر ما قال، فقال الأعرابي: إنه سألكم
متاركة لا خير فيها، ولا شر، قال الخليل: [1] جزء من الآية 44 من سورة هود. [2] الآية 28 من سورة المؤمنون. [3] الآية 11 من سورة فصلت.