ثم روى عن ابن عباس، أنه سئل: " وكان عرشه على الماء، على أي شيء كان الماء؟ قال: على متن الريح" [1] .
وقال الترمذي: " حدثنا أحمد بن منيع، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس [2] ، عن عمه أبي رزين، قال: قلت: يا رسول الله، أين كان ربنا، قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء، ما تحته هواء،
وما فوقه هواء، وخلق عرشه على الماء"، قال أحمد: " قال يزيد: العماء، أي ليس معه شيء" [3] .
قال أبو عبيد: " العماء في كلام العرب، السحاب الأبيض"، قال الأصمعي وغيره، هو ممدود.
وقال الحارث بن حلزة اليشكري:
وكأن المنون تردي بنا أعـ ... ـصم ينجاب عنه العماء
يقول: هو في ارتفاعه، قد بلغ السحاب ينشف عنه، يقول: نحن في عزنا مثل الأعصم، فالمنون إذا أرادتنا، فكأنما تريد أعصم.
وإنما تأولنا هذا الحديث، على كلام العرب المعقول عنهم، ولا ندري كيف كان ذلك العماء، وما مبلغه، والله أعلم.
وأما العمى في البصر، فإنه مقصور، وليس هو من معنى الحديث في شيء " ا. هـ [4] ، نقل هذا الكلام الأزهري، ثم قال: "قلت: وقد بلغني، عن أبي الهيثم- ولم يعزه لي إلى ثقة - أنه قال في تفسير هذا الحديث، ولفظه: أنه كان في عمى مقصور، قال: وكل أمر لا تدركه القلوب بالعقول، فهو عمى، والمعنى: أنه كان حيث لا تدركه عقول بنى آدم، ولا يبلغ كنهه وصف.
(1) "تفسير الطبري" (15/245-249) بتحقيق محمود شاكر. [2] قال الترمذي: هكذا يقول حماد بن سلمة: وكيع بن حدس.
(3) "سنن الترمذي" (4/351) .
(4) "الغريب" (2/8-9) .