responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 262
وفي هذه النصوص ونحوها كثير أبلغ دليل على ثبوت صفة الرحمة لله -تعالى-، وكذا صفة الغضب، وبذلك يتبين بطلان قول أهل التأويل في هذه الصفة الكريمة من صفات ربنا - تبارك وتعالى -، وقولهم: " إن الرحمة: رقة القلب، وهي تدل على الضعف والخور في طبيعة الراحم، وتألمه على المرحوم" وهذا قول باطل بالنسبة إلى صفة الله -تعالى-، وبيان ذلك على وجوه:
الأول: أن هذا وصف رحمة بعض المخلوقين من النساء ونحوهن.
وقد علم التفاوت العظيم بين الخالق -تعالى- والمخلوق؛ بالشرع والعقل، والإجماع، وقد تقرر أن الصفة تتبع الموصوف في الكمال، وضده، كما تقدم.
الثاني: أن الضعف والخور مذموم، وهو نقص، وأما الرحمة فممدوحة، كما قال -تعالى-: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [1] ، مع نهيه -تعالى- عباده عن
الوهن، والحزن، قال -تعالى-: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا} [2] ، وحثهم على الرحمة، وقد تقدم ذكر بعض الأحاديث في ذلك، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: " من لا يرحم لا يرحم"، وقوله: " لا تنزع الرحمة إلا من شقي"، وقوله: " الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".
ومستحيل أن يقول: لا ينزع الضعف والخور إلا من شقي.
ولما كانت الرحمة في حق كثير من الناس، تقارن الضعف والخور، ظن من غلط في ذلك أنها كذلك مطلقاً.
الثالث: أن أسماء الله -تعالى- حسنى، لا يلحقها نقص بوجه من الوجوه، وصفاته عليا عن النقص أيضاً، والله -تعالى- قد تمدح بهذه الأسماء والصفات، لأنها تدل على الكمال، فمن المحال أن يلحقها ما يلحق رحمة المخلوق.

[1] الآية 17 من سورة البلد.
[2] الآية 139 من سورة آل عمران.
اسم الکتاب : شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 262
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست