كمال، والله -تعالى- أحق بكل كمال، فيمتنع أن يثبت للمخلوق كمال إلا والخالق أحق به، كما يمتنع أن يتنزه المخلوق عن نقص إلا والخالق أحق بتنزهه منه؛ لأنه هو الذي أعطى الكمال للكاملين.
ومن لم يتصف بصفات الكمال، من الحياة، والعلم، والسمع، والبصر، والقدرة، والكلام، وغير ذلك:
فإما أن يكون قابلاً للاتصاف بذلك ولم يتصف به.
أو غير قابل للاتصاف به.
فإن قبله ولم يتصف به، كان موصوفاً بصفات النقص، كالموت، والجهل، والعمى، والصمم، والعجز، والبكم.
فإن لم يقبل الاتصاف بهذه الصفات، كان أنقص من القابل الذي لم يتصف بها.
فالحيوان الذي يكون تارة سميعاً، وتارة أصم، وتارة بصيراً، وتارة أعمى، وتارة متكلماً، وتارة أخرس، أكمل من الجماد الذي لا يقبل لا هذا، ولا هذا، فمن لم يصف الله -تعالى- بصفات الكمال، لزمه إما أن يصفه بهذه النقائص، أو يكون أنقص ممن وصف بهذه النقائص [1] .
قوله: "ووعدك الحق" أي: لا بد من وقوعه، على ما وعدت، فلا خلف فيه ولا تبديل.
"ولقاؤك حق" أي: لا بد للميعاد من ملاقاتك، فتجازيهم على أعمالهم، واللقاء يتضمن الرؤية، والمعاينة، كما سيأتي – إن شاء الله تعالى -.
"والجنة حق، والنار حق" أي: ثابتتان، موجودتان، كما أخبرت بذلك أنهما معدتان لأهلهما، فهما دار البقاء، وإليهما مصير العباد.
(1) "مجموع الفتاوى" (12/355) .