اسم الکتاب : شرح رياض الصالحين المؤلف : ابن عثيمين الجزء : 1 صفحة : 439
صار ملكا بين عشية وضحاها، لان الأمر بيد الله. وكم من إنسان عزيز يري انه غالب لكل أحد، فيكون أذل عباد الله بين عشية وضحاها! وما من إنسان ذليل يكون عزيزا بين عشية وضحاها، لان الملك والحكم لله سبحانه وتعالى. وكذلك الحكم الشرعي لله، ليس لاحد، فالله تعالي هو الذي يحلل ويحرم ويوجب، وليس أحد من الخلق له الفصل في ذلك. فالإيجاب والتحليل والتحريم لله، ولهذا نهي الله عباده إن يصفوا شيئا بالحلال والحرام بدون إذن، فقال الله تبارك وتعالى: (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النحل: 117، 116) . فالحاصل إن الإيمان بالله بابه واسع جدا، ولو ذهب الإنسان يتكلم عليه لبقي أياما كثيرة، ولكن الإشارة تغني عن طويل العبارة. وقوله صلي الله عليه وسلم: ((وملائكته)) : والملائكة: هم عالم غيبي، خلقهم
الله_ سبحانه وتعالى_ من نور، وجعل لهم أعمالا خاصة، كل منهم يعمل بما أمره الله به، وقد قال الله في ملائكة النار: (عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم: من الآية6) ، فهم ليس عندهم استكبار عن الأمر ولا عجز عنه، يفعلون ما أمروا به ويقدرون عليه، بخلاف البشر، فالبشر قد يستكبرون عن الأمر، وقد يعجزون عنه، أما الملائكة فخلقوا لتنفيذ أمر الله، سواء في العبادات المتعلقة بهم أو في مصالح الخلق.
اسم الکتاب : شرح رياض الصالحين المؤلف : ابن عثيمين الجزء : 1 صفحة : 439