responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح النووي على مسلم المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 1  صفحة : 69
وَقَدْ يُعْفَى عَنْهُ ثُمَّ إِنْ جُوزِيَ وَأُدْخِلَ النار فلا يخلد فيها بل لابد مِنْ خُرُوجِهِ مِنْهَا بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ وَلَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ أَحَدٌ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَسَيَأْتِي دَلَائِلُهَا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْكَذِبُ فَهُوَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْإِخْبَارُ عَنِ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ شَرْطُهُ الْعَمْدِيَّةُ وَدَلِيلُ خِطَابِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَنَا فَإِنَّهُ قَيَّدَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْعَمْدِ لِكَوْنِهِ قَدْ يَكُونُ عَمْدًا وَقَدْ يَكُونُ سَهْوًا مَعَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ وَالنُّصُوصَ الْمَشْهُورَةَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُتَوَافِقَةٌ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا إِثْمَ عَلَى الناسى والغالط فَلَوْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْكَذِبَ لَتُوُهِّمَ أَنَّهُ يَأْثَمُ النَّاسِي أَيْضًا فَقَيَّدَهُ وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ الْمُطْلَقَةُ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى الْمُقَيَّدَةِ بِالْعَمْدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَشْتَمِلُ عَلَى فَوَائِدَ وَجُمَلٍ مِنَ الْقَوَاعِدِ إِحْدَاهَا تَقْرِيرُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْكَذِبَ يَتَنَاوَلُ إِخْبَارُ الْعَامِدِ وَالسَّاهِي عَنِ الشَّيْءِ بِخِلَافِ مَا هُوَ الثَّانِيَةُ تَعْظِيمُ تَحْرِيمِ الْكَذِبِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ فَاحِشَةٌ عَظِيمَةٌ وَمُوبِقَةٌ كَبِيرَةٌ وَلَكِنْ لَا يَكْفُرُ بِهَذَا الْكَذِبِ إِلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الطَّوَائِفِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ وَالِدُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَبِي الْمَعَالِي مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا يَكَفُرُ بِتَعَمُّدِ الْكَذِبِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَى إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ وَالِدِهِ هَذَا الْمَذْهَبَ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دَرْسِهِ كَثِيرًا مَنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْدًا كَفَرَ وَأُرِيقَ دَمُهُ وَضَعَّفَ إِمَامُ الحرمين هذا القول وقاله إِنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَصْحَابِ وَإِنَّهُ هَفْوَةٌ عَظِيمَةٌ وَالصَّوَابُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنِ الْجُمْهُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّ مَنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْدًا فى حديث واحد فسق وردت رواياتة كُلُّهَا وَبَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِجَمِيعِهَا فَلَوْ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ فَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ وَصَاحِبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيِّينَ وَأَصْحَابِ الْوُجُوهِ مِنْهُمْ وَمُتَقَدِّمَيْهِمْ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ لَا تُؤَثِّرُ تَوْبَتُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ أَبَدًا بَلْ يُحَتَّمُ جَرْحُهُ دَائِمًا وَأَطْلَقَ الصَّيْرَفِيُّ وَقَالَ كُلُّ مَنْ أَسْقَطْنَا خَبَرَهُ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ بِكَذِبٍ

اسم الکتاب : شرح النووي على مسلم المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 1  صفحة : 69
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست