responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 669
أَنْ يَحْرِصَ الْمُصَلِّي عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ مَا زِيدَ فِيهِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ التَّضْعِيفَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي مَسْجِدِهِ وَقَدْ أَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ هَذَا، بِخِلَافِ مَسْجِدِ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ مَكَّةَ، بَلْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ يَعُمُّ الْحَرَمَ كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَرُوِيَ بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّ " إِلَّا " بِمَعْنَى غَيْرِ، وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ، فَقِيلَ: إِنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ مَسْجِدِهِ، وَقِيلَ إِنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَفْضُلُهُ بِأَقَلِّ مِنْ أَلْفٍ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ أَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ حُكْمُهُ خَارِجٌ عَنْ أَحْكَامِ سَائِرِ الْمَوَاطِنِ فِي الْفَضِيلَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا يُعْلَمُ حُكْمُهُ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ، فَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ فِيهِ أَفْضَلَ مِنْ مَسْجِدِهِ أَوْ دُونَهُ أَوْ مُسَاوِيهِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ وَرَجَّحَ التَّسَاوِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَاضِلًا أَوْ مَفْضُولًا لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُ ذَلِكَ إِلَّا بِدَلِيلٍ بِخِلَافِ الْمُسَاوَاةِ
قَالَ الْحَافِظُ: دَلِيلُ كَوْنِهِ فَاضِلًا مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مَرْفُوعًا: " «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي هَذَا» " وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ: " «وَصَلَاةٌ فِي ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ» " قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: اخْتُلِفَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، وَمَنْ رَفَعَهُ أَحْفَظُ وَأَثْبَتُ، وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ.
وَفِي ابْنِ مَاجَهْ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: " «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» " وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: " «مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» " فَعَلَى الْأَوَّلِ مَعْنَاهُ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، وَعَلَى الثَّانِي مَعْنَاهُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ.
وَلِلْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ: " «الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ، وَالصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِي بِأَلْفِ صَلَاةٍ، وَالصَّلَاةُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ» " قَالَ الْبَزَّارُ: وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، فَوَضَحَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ تَفْضِيلُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَهُوَ يَرُدُّ تَأْوِيلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَعْنَاهُ: الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ بِدُونِ أَلْفِ صَلَاةٍ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَفْظُ " دُونَ " يَشْمَلُ الْوَاحِدَ فَيَلْزَمُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ بِتِسْعِمِائَةٍ وَتِسْعٍ وَتِسْعِينَ صَلَاةً وَهُوَ بَاطِلٌ، ثُمَّ التَّضْعِيفُ الْمَذْكُورُ يَرْجِعُ إِلَى الثَّوَابِ، وَلَا يَتَعَدَّى إِلَى الْإِجْزَاءِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ، فَمَنْ عَلَيْهِ صَلَاتَانِ فَصَلَّى فِي أَحَدِ الْمَسْجِدَيْنِ صَلَاةً لَمْ تُجْزِهِ إِلَّا عَنْ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ أَبِي بَكْرٍ النَّقَّاشِ فِي تَفْسِيرِهِ خِلَافَهُ فَإِنَّهُ قَالَ: حَسِبْتُ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَبَلَغَتْ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ عُمْرُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، انْتَهَى.
وَهَذَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ التَّضْعِيفِ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّهَا تَزِيدُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، لَكِنْ هَلْ يَجْتَمِعُ أَوْ لَا، مَحْلُّ بِحْثٍ؟ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْجُمْهُورُ عَلَى تَضْعِيفِ الصَّلَاةِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا فِي الْمَسْجِدِ، وَخَصَّهُ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 669
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست