responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 660
عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَإِنَّمَا صَعِدَ السَّطْحَ لِضَرُورَةٍ لَهُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: ارْتَقَيْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي، فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ عَنْهُ، فَلَمَّا اتَّفَقَتْ لَهُ رُؤْيَتُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِلَا قَصْدٍ أَحَبَّ أَنْ لَا يَخْلَى ذَلِكَ مِنْ فَائِدَةٍ فَحَفِظَ هَذَا الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ، وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا رَآهُ مِنْ جِهَةِ ظَهْرِهِ حَتَّى صَاغَ لَهُ تَأَمُّلَ الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ غَيْرِ مَحْذُورٍ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ شِدَّةُ حِرْصِهِ عَلَى تَتَبُّعِ أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَتَّبِعَهَا وَكَذَا كَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (ثُمَّ قَالَ) ابْنُ عُمَرَ (لَعَلَّكَ) الْخِطَابُ لِوَاسِعٍ وَغَلِطَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ ( «مِنَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى أَوْرَاكِهِمْ قَالَ» ) وَاسِعٌ (قُلْتُ: لَا أَدْرِي وَاللَّهِ) أَنَا مِنْهُمْ أَمْ لَا (قَالَ مَالِكٌ) مُفَسِّرُ الْقَوْلَ يُصَلُّونَ. . . إِلَخْ ( «يَعْنِي الَّذِي يَسْجُدُ وَلَا يَرْتَفِعُ عَلَى الْأَرْضِ يَسْجُدُ وَهُوَ لَاصِقٌ بِالْأَرْضِ» ) وَهُوَ خِلَافُ هَيْئَةِ السُّجُودِ الْمَشْرُوعَةِ؛ وَهِيَ مُجَافَاةُ بَطْنِهِ عَنْ وِرْكَيْهِ وَالتَّجَنُّحُ تَجَنُّحًا وَسَطًا، وَاسْتَشْكَلَ ذِكْرُ ابْنِ عُمَرَ لِهَذَا مَعَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، وَأَجَابَ الِكْرِمَانِيُّ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الَّذِي خَاطَبَهُ لَا يَعْرِفُ السُّنَّةَ، إِذْ لَوْ عَرَفَهَا لَعَرَفَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفَضَاءِ وَغَيْرِهِ، أَوِ الْفَرْقَ بَيْنَ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَكَنَّى عَنْ مَنْ لَا يَعْرِفُ السُّنَّةَ بِالَّذِي يُصَلِّي عَلَى وِرْكَيْهِ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا جَاهِلًا بِالسُّنَّةِ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ وَلَيْسَ فِي السِّيَاقِ أَنَّ وَاسِعًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى حَتَّى يَنْسُبَهُ إِلَى عَدَمِ مَعْرِفَتِهَا، ثُمَّ الْحَصْرُ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْجُدُ عَلَى وِرْكَيْهِ مَنْ يَعْلَمُ سُنَنَ الْخَلَاءِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ فِي الْمُنَاسَبَةِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ مُسْلِمٍ فَأَوَّلَهُ عِنْدَهُ عَنْ وَاسِعٍ قَالَ: " كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ جَالِسٌ فَلَمَّا قَضَيْتُ صَلَاتِي انْصَرَفْتُ إِلَيْهِ مِنْ شِقِّيَ الْأَيْسَرِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَقُولُ نَاسٌ " فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَأَى مِنْهُ فِي حَالِ سُجُودِهِ شَيْئًا لَمْ يَتَحَقَّقْهُ عِنْدَهُ فَقَدَّمَهَا عَلَى ذَلِكَ لِلْأَمْرِ الْمَظْنُونِ، وَلَا بُعْدَ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا عَهِدَ بِقَوْلِ مَنْ نَقَلَ عَنْهُمْ مَا نَقَلَ، فَأَحَبَّ أَنْ يُعَرِّفَهُ هَذَا الْحُكْمَ لِيَنْقِلَهُ عَنْهُ، عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ إِبْدَاءُ مُنَاسِبَةٍ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِخُصُوصِهِمَا، فَإِنَّ لِإِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى تَعَلُّقًا بِأَنْ يُقَالَ: لَعَلَّ الَّذِي كَانَ يَسْجُدُ وَهُوَ لَاصِقٌ بَطْنَهُ بِوِرْكَيْهِ كَانَ يَظُنُّ امْتِنَاعَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِفَرْجِهِ فِي كُلِّ حَالٍ، وَأَحْوَالُ الصَّلَاةِ أَرْبَعَةٌ: قِيَامٌ وَرُكُوعٌ وَسُجُودٌ وَقُعُودٌ، وَانْضِمَامُ الْفَرْجِ فِيهَا بَيْنَ الْوِرْكَيْنِ مُمْكِنٌ، إِلَّا إِذَا جَاءَ فِي السُّجُودِ فَرَأَى أَنَّ فِي الْإِلْصَاقِ ضَمًّا لِلْفَرْجِ فَفَعَلَهُ ابْتِدَاعًا وَتَنَطُّعًا. وَالسُّنَّةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَالسِّتْرُ بِالثِّيَابِ كَافٍ فِي ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ الْجِدَارَ كَافٍ فِي كَوْنِهِ حَائِلًا بَيْنَ الْعَوْرَةِ وَالْقِبْلَةِ إِنْ قُلْنَا: إِنَّ مَثَارَ النَّهْيِ الِاسْتِقْبَالُ بِالْعَوْرَةِ فَلَمَّا حَدَّثَ ابْنُ عُمَرَ التَّابِعِيَّ بِالْحُكْمِ الْأَوَّلِ أَشَارَ لَهُ بِالْحُكْمِ الثَّانِي مُنَبِّهًا لَهُ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 660
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست