responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 636
أَخَذْتُهُ) أَيْ: لَوْ تَمَكَّنْتُ مِنْ قَطْفِهِ، وَلِلْقَعْنَبِيِّ: وَلَوْ أَصَبْتُهُ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ: " «أَهْوَى بِيَدَيْهِ لِيَتَنَاوَلَ شَيْئًا» "، وَفِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ: " «حَتَّى لَوِ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا» "، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الِاجْتِرَاءِ فَلَمْ يَجْتَرِئْ، وَبِهَذَا لَا يُشْكَلُ قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخَذْتُهُ، مَعَ قَوْلِهِ: تَنَاوَلْتُ.
وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ تَنَاوَلْتُ لِنَفْسِي وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَكُمْ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، وَبِأَنَّ الْإِرَادَةَ مُقَدَّرَةٌ؛ أَيْ: أَرَدْتُ أَنْ أَتَنَاوَلَ ثُمَّ لَمْ أَفْعَلْ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: " «وَلَقَدْ مَدَدْتُ يَدِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَنَاوَلَ مِنْ ثَمَرِهَا لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ لَا أَفْعَلَ» ".
وَمِثْلُهُ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظٍ: " «حَتَّى لَقَدْ رَأَيْتُنِي أُرِيدُ آخُذُ قِطْفًا مِنَ الْجَنَّةِ حِينَ رَأَيْتُمُونِي جَعَلْتُ أَتَقَدَّمُ» " وَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقٍ مُرْسَلَةٍ: " «أَرَدْتُ أَنْ آخُذَ قِطْفًا أُرِيكُمُوهُ فَلَمْ يُقَدَّرْ» " وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: " «فَحِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ» " (لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ) أَيْ: مِنَ الْعُنْقُودِ (مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا) لِأَنَّ ثِمَارَ الْجَنَّةِ لَا مَقْطُوعَةٌ وَلَا مَمْنُوعَةٌ، وَإِذَا قُطِفَتْ خَلَّفَتْ فِي الْحَالِ، فَلَا مَانِعَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا إِذَا شَاءَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ فِي وُجُوبِ الدَّوَامِ وَجَوَازِ هَذَا هُوَ الْحَقُّ.
وَحَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ أَصَحَّهُمَا فِي نَفْسِ الْآكِلِ مِثْلُ الَّذِي أَكَلَ دَائِمًا بِحَيْثُ لَا يَغِيبُ عَنْ ذَوْقِهِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ رَأْيٌ فَلْسَفِيٌّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَا حَقَائِقَ لَهَا، وَإِنَّمَا هِيَ أَمْثَالٌ.
وَبَيَّنَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ هَذَا التَّنَاوُلَ الْمَذْكُورَ كَانَ حَالَ قِيَامِهِ الثَّانِي مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَمْ يَأْخُذِ الْعُنْقُودَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ، وَهُوَ لَا يَفْنَى، وَالدُّنْيَا فَانِيَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْكَلَ فِيهَا مَا لَا يَفْنَى.
وَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَوْ رَآهُ النَّاسُ لَكَانَ إِيمَانُهُمْ بِالشَّهَادَةِ لَا بِالْغَيْبِ، فَيُخْشَى أَنْ تُرْفَعَ التَّوْبَةُ، فَلَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا.
وَقِيلَ: لِأَنَّ الْجَنَّةَ جَزَاءُ الْأَعْمَالِ، وَالْجَزَاءُ بِهَا لَا يَقَعُ إِلَّا فِي الْآخِرَةِ.
(وَرَأَيْتُ النَّارَ) قَبْلَ رُؤْيَةِ الْجَنَّةِ.
فَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ: «عُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّارُ فَتَأَخَّرَ عَنْ مُصَلَّاهُ حَتَّى إِنَّ النَّاسَ لَيَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَإِذَا رَجَعَ عُرِضَتْ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ فَذَهَبَ يَمْشِي حَتَّى وَقَفَ فِي مُصَلَّاهُ» .
وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: " «لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا "، وَفِيهِ: " ثُمَّ جِيءَ بِالْجَنَّةِ وَذَلِكَ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَقَدَّمْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي مَقَامِي " وَزَادَ فِيهِ: " مَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي صَلَاتِي هَذِهِ» "، وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ سَمُرَةَ: " «لَقَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ قُمْتُ أُصَلِّي مَا أَنْتُمْ لَاقُونَ فِي دُنْيَاكُمْ وَآخِرَتِكُمْ» " (فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ) أَيِ: الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (مَنْظَرًا) نُصِبَ بِأَرَى (قَطُّ) زَادَ فِي رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ: " أَفْظَعَ " أَقْبَحَ وَأَشْنَعَ وَأَسْوَأَ صِفَةً لِلْمَنْصُوبِ؛ أَيْ: لَمْ أَرَ مَنْظَرًا مِثْلَ مَنْظَرٍ رَأَيْتُهُ الْيَوْمَ، فَحَذَفَ الْمَرْئِيَّ وَأَدْخَلَ التَّشْبِيهَ عَلَى الْيَوْمِ لِبَشَاعَةِ مَا رَأَى فِيهِ وَبُعْدِهِ عَنِ الْمَنْظَرِ الْمَأْلُوفِ.
وَقِيلَ: الْكَافُ اسْمٌ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 636
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست