responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 605
أَنَّ ذِكْرَ مِثْلَ هَذَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّنْقِيصِ لَيْسَ بِغَيْبَةٍ (يُسْمَعُ) بِالْيَاءِ الْمَضْمُومَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَبِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ عَلَى الْجَمْعِ (دَوِيُّ) بِفَتْحِ الدَّالِّ وَكَسْرِ الْوَاوِ وَشَدِّ الْيَاءِ وَالرَّفْعِ أَوِ النَّصْبِ (صَوْتِهِ) قَالَ عِيَاضٌ: وَجَاءَ عِنْدَنَا فِي الْبُخَارِيِّ بِضَمِّ الدَّالِّ، وَالصَّوَابُ الْفَتْحُ (وَلَا نَفْقَهُ) بِالنُّونِ وَالْيَاءِ لَا نَفْهَمُ (مَا يَقُولُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الدَّوِيُّ صَوْتٌ مُرْتَفِعٌ مُتَكَرِّرٌ لَا يُفْهَمُ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَادَى مِنْ بُعْدٍ (حَتَّى دَنَا) أَيْ: إِلَى أَنْ قَرُبَ فَهِمْنَاهُ (فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ) أَيْ: عَنْ أَرْكَانِهِ وَشَرَائِعِهِ بَعْدَ التَّوْحِيدِ وَالتَّصْدِيقِ، أَوْ عَنْ حَقِيقَتِهِ، وَاسْتُبْعِدَ بِعَدَمِ الْمُطَابَقَةِ بَيْنَ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَهُوَ (فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:) هُنَّ (خَمْسُ صَلَوَاتٍ) أَوْ خُذْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، وَيَجُوزُ الْجَرُّ بَدَلًا مِنَ الْإِسْلَامِ، فَظَهَرَ أَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ عَنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِهِ، وَوَقَعَ الْجَوَابُ مُطَابِقًا لَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ» ، وَلَيْسَتِ الصَّلَوَاتُ عَيْنَ الْإِسْلَامِ فَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: إِقَامَةُ خَمْسِ صَلَوَاتٍ (فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ) فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ غَيْرُهَا، خِلَافًا لِمَنْ أَوْجَبَ الْوِتْرَ أَوْ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ أَوْ صَلَاةَ الضُّحَى أَوْ صَلَاةَ الْعِيدِ أَوِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الشَّهَادَةَ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْلَمُهَا، أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَسْأَلُ عَنِ الشَّرَائِعِ الْفِعْلِيَّةِ أَوْ ذَكَرَهَا فَلَمْ يَنْقُلْهَا الرَّاوِي لِشُهْرَتِهَا.
وَأَمَّا الْحَجُّ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَرْضٌ أَوْ لِأَنَّهُ رَآهُ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ أَوِ اخْتَصَرَهُ الرَّاوِي، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ فِي الصِّيَامِ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ فَدَخَلَ فِيهِ بَاقِي الْمَفْرُوضَاتِ بَلْ وَالْمَنْدُوبَاتِ، كَمَا قَالَ عِيَاضٌ وَيَأْتِي رَدُّهُ (قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ) بِشَدِّ الطَّاءِ وَالْوَاوِ أَصْلُهُ تَتَطَوَّعُ فَأُدْغِمَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَيَجُوزُ تَخْفِيفُ الطَّاءِ عَلَى حَذْفِ إِحْدَاهُمَا، وَفِيهِ أَنَّ الشُّرُوعَ فِي التَّطَوُّعِ يَجِبُ إِتْمَامُهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلٌ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لِأَنَّهُ نَفْيُ وُجُوبِ شَيْءٍ آخَرَ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ وَلَا قَائِلَ بِوُجُوبِ التَّطَوُّعِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ إِلَّا أَنْ تُشْرِعَ فِي تَطَوُّعٍ فَيَلْزَمُكَ إِتْمَامُهُ.
وَتَعَقَّبَهُ الطِّيبِيُّ بِأَنَّهُ مُغَالَطَةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ هُنَا مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، لِأَنَّ التَّطَوُّعَ لَا يُقَالُ فِيهِ عَلَيْكَ وَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَجِبُ عَلَيْكَ شَيْءٌ إِلَّا إِنْ أَرَدْتَ أَنَّ تَطَّوَّعَ فَذَلِكَ لَكَ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ التَّطَوُّعَ لَا يَجِبُ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ آخَرُ أَصْلًا.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: كَذَا قَالَ، وَحَرْفُ الْمَسْأَلَةِ دَائِرٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، فَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ مُتَّصِلٌ تَمَسَّكَ بِالْأَصْلِ، وَمَنْ قَالَ: مُنْقَطِعٌ احْتَاجَ إِلَى دَلِيلٍ، وَدَلِيلُهُ مَا لِلنَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَحْيَانًا يَنْوِي صَوْمَ التَّطَوُّعِ ثُمَّ يُفْطِرُ، وَفِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ أَمَرَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ أَنْ تُفْطِرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ أَنْ شَرَعَتْ فِيهِ» ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الشُّرُوعَ فِي الْعِبَادَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِتْمَامَ فِي الصَّوْمِ وَقِيَاسًا فِي الْبَاقِي، وَلَا يُرَدُّ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 605
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست