responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 589
شَهَادَتُهُمْ لَهُمْ بِأَحْسَنِ الشَّهَادَةِ وَفِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ رَجَّحَ أَنَّهُمُ الْحَفَظَةُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الصَّاعِدِينَ كَانُوا مُقِيمِينَ عِنْدَهُمْ مُشَاهِدِينَ لِأَعْمَالِهِمْ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: حِكْمَةُ كَوْنِهِ تَعَالَى لَا يَسْأَلُهُمْ إِلَّا عَنِ الْحَالَةِ الَّتِي تَرَكُوهُمْ عَلَيْهَا مَا ذَكَرَ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: اللَّهُ تَعَالَى يَسْتُرُ عَنْهُمْ مَا يَعْمَلُونَهُ فِيمَا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ لَكِنَّهُ بِنَاءً عَلَى الْحَفَظَةِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ: " «الصَّلَاةُ إِلَى الصَّلَاةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا» " فَلِذَا وَقَعَ السُّؤَالُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ عَنْ آخِرِ شَيْءٍ فَارَقُوهُمْ عَلَيْهِ.
(ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ) أَيِ: الْمُصَلُّونَ (فَيَسْأَلُهُمْ) رَبُّهُمْ (وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ) أَيْ: بِالْمُصَلِّينَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَحَذَفَ صِلَةَ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ، قَالَ الْحَافِظُ: اخْتُلِفَ فِي سُؤَالِ الَّذِينَ بَاتُوا دُونَ الَّذِينَ ظَلَمُوا، فَقِيلَ: مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِذِكْرِ أَحَدِ الْمِثْلَيْنِ عَنِ الْآخَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَذَكِّرَ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى: 9] (سُورَةُ الْأَعْلَى: الْآيَةُ 9) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَنْفَعْ، وَ {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] (سُورَةُ النَّحْلِ: الْآيَةُ 81) أَيْ: وَالْبَرَدُ أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ التِّينِ وَغَيْرُهُ.
ثُمَّ قِيلَ: حِكْمَةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ يُعْلَمُ مَنْ حُكْمِ طَرَفَيِ اللَّيْلِ، فَلَوْ ذَكَرَهُ كَانَ تَكْرَارًا، وَحِكْمَةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى هَذَا الشِّقِّ دُونَ الْآخَرِ أَنَّ اللَّيْلَ مَظِنَّةُ الْمَعْصِيَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَقَعْ فِيهِ مَعَ إِمْكَانِ دَوَاعِي الْفِعْلِ مِنَ الْإِخْفَاءِ وَنَحْوِهِ وَاشْتَغَلُوا بِالطَّاعَةِ كَانَ النَّهَارُ أَوْلَى بِذَلِكَ، فَالسُّؤَالُ عَنِ اللَّيْلِ أَبْلَغُ مِنَ النَّهَارِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاشْتِهَارِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ إِذَا صَلُّوا الْفَجْرَ عَرَجُوا فِي الْحَالِ، وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ إِذَا صَلَّوُا الْعَصْرَ لَبِثُوا إِلَى آخِرِ النَّهَارِ لِضَبْطِ بَقِيَّةِ عَمَلِ النَّهَارِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَلَائِكَةَ النَّهَارِ لَا يَسْأَلُونَ عَنْ وَقْتِ الْعَصْرِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، ثُمَّ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُمُ الْحَفَظَةُ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقِيلَ: بِنَاءٌ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُمُ الْحَفَظَةُ أَنَّهُمْ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ فَقَطْ وَهُمْ لَا يَبْرَحُونَ، عَنْ مُلَازَمَةِ بَنِي آدَمَ، وَمَلَائِكَةُ اللَّيْلِ هُمُ الَّذِينَ يَعْرُجُونَ وَيَتَعَاقَبُونَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ قَالَ: يَلْتَقِي الْحَارِسَانِ؛ أَيْ: مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ عِنْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَيُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَتَصْعَدُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَتَلْبَثُ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ.
وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْعُرُوجَ إِنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ خَاصَّةً، وَأَمَّا النُّزُولُ فَيَقَعُ فِي الصَّلَاتَيْنِ مَعًا وَفِيهِ التَّعَاقُبُ وَصُورَتُهُ أَنْ تَنْزِلَ طَائِفَةٌ عِنْدَ الْعَصْرِ وَتَبِيتُ ثُمَّ تَنْزِلُ طَائِفَةٌ عِنْدَ الْفَجْرِ فَتَجْتَمِعُ الطَّائِفَتَانِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فَقَطْ وَيَسْتَمِرُّ الَّذِينَ نَزَلُوا وَقْتَ الْفَجْرِ إِلَى الْعَصْرِ فَتَنْزِلُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيَحْصُلُ اجْتِمَاعُهُمْ ثُمَّ الْعَصْرُ أَيْضًا وَلَا يَصْعَدُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، بَلْ تَبِيتُ الطَّائِفَتَانِ أَيْضًا، ثُمَّ يَعْرُجُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ فَتَصِحُّ صُورَةُ التَّعَاقُبِ مَعَ اخْتِصَاصِ النُّزُولِ بِالْعَصْرِ وَالْعُرُوجِ بِالْفَجْرِ فَلِذَا خُصَّ السُّؤَالُ بِالَّذِينِ بَاتُوا.
وَقِيلَ قَوْلُهُ: وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ وَهْمٌ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي طُرُقٍ كَثِيرَةٍ أَنَّ الِاجْتِمَاعَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ صَلَاةِ الْعَصْرِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ قَالَ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 589
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست