responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 586
الْعَمَلُ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ، فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ فِي النَّافِلَةِ، وَاسْتَبْعَدَهُ الْمَازِرِيُّ وَعِيَاضٌ وَالْقُرْطُبِيُّ لِمَا فِي مُسْلِمٍ: " «رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ عَلَى عَاتِقِهِ» " قَالَ الْمَازِرِيُّ: إِمَامَتُهُ بِالنَّاسِ فِي النَّافِلَةِ لَيْسَتْ بِمَعْهُودَةٍ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ: " «بَيْنَا نَحْنُ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ قَدْ دَعَاهُ بِلَالٌ إِلَى الصَّلَاةِ إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا وَأُمَامَةُ عَلَى عَاتِقِهِ فَقَامَ فِي مُصَلَّاهُ فَقُمْنَا خَلْفَهُ وَكَبَّرْنَا وَهِيَ فِي مَكَانِهَا» " انْتَهَى.
لَكِنْ أَعَلَّ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِأَنَّ أَبَا دَاوُدَ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ فَلَمْ يَقُلْ فِي الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ فِي فَرِيضَةٍ، انْتَهَى.
وَرِوَايَةُ اللَّيْثِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ، وَالِاسْتِبْعَادُ لَا يَمْنَعُ الْوُقُوعَ وَقَدْ أَمَّ فِي النَّفْلِ فِي قِصَّتِي مُلَيْكَةَ وَعِتْبَانَ وَغَيْرِهِمَا، وَعِنْدَ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ، وَتَبِعَهُ السُّهَيْلِيُّ: الصُّبْحَ، وَوَهِمَ مَنْ عَزَاهُ لِلصَّحِيحَيْنِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَرَوَى أَشْهَبُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ، حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَكْفِيهِ أَمْرَهَا.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا لَبَكَتْ وَشَغَلَتْ سِرَّهُ فِي صَلَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ شُغْلِهِ بِحَمْلِهَا.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: إِنْ وُجِدَ مَنْ يَكْفِيهِ أَمْرَهَا جَازَ فِي النَّافِلَةِ دُونَ الْفَرِيضَةِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ جَازَ فِيهِمَا.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ، قَالَ الْحَافِظُ: رَوَى ذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ صَحِيحٌ، وَلَفْظُهُ: قَالَ التِّنِّيسِيُّ: قَالَ مَالِكٌ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَعَلَّهُ نُسِخَ بِتَحْرِيمِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ وَتَعَقَّبَ بِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَبِأَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِمُدَّةٍ مَدِيدَةٍ.
وَذَكَرَ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ لِعِصْمَتِهِ مِنْ أَنْ تَبُولَ وَهُوَ حَامِلُهَا، وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ، وَبِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِهِ فِي أَمْرِ ثُبُوتِهِ فِي غَيْرِهِ بِلَا دَلِيلٍ وَلَا دَخْلٍ لِلْقِيَاسِ فِي مِثْلِهِ، وَحَمَلَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ مُتَوَالٍ لِوُجُودِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي أَرْكَانِ صَلَاتِهِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: ادَّعَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَبَعْضُهُمْ مِنَ الْخَصَائِصِ، وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ لِضَرُورَةٍ وَكُلُّهُ دَعَاوَى بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُخَالِفُ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ طَاهِرٌ وَمَا فِي جَوْفِهِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَثِيَابُ الْأَطْفَالِ وَأَجْسَادُهُمْ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى تَتَبَيَّنَ النَّجَاسَةُ، وَالْأَعْمَالُ فِي الصَّلَاةِ لَا تُبْطِلُهَا إِذَا قَلَّتْ وَتَفَرَّقَتْ، وَدَلَائِلُ الشَّرْعِ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: كَأَنَّ السِّرَّ فِيهِ دَفْعُ مَا أَلِفَتْهُ الْعَرَبُ مِنْ كَرَاهَةِ الْبَنَاتِ وَحَمْلِهِنَّ فَخَالَفَهُمْ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي رَدْعِهِمْ، وَالْبَيَانُ بِالْفِعْلِ قَدْ يَكُونُ أَقْوَى مِنَ الْقَوْلِ، وَفِيهِ تَرْجِيحُ الْعَمَلِ بِالْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ.
وَرَدَّهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ حِكَايَاتِ الْأَحْوَالِ لَا عُمُومَ لَهَا؛ أَيْ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ أُمَامَةَ كَانَتْ حِينَئِذٍ قَدْ غُسِّلَتْ، وَجَوَازُ إِدْخَالِ الصِّبْيَانِ الْمَسَاجِدَ وَصِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ حَمَلَ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 586
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست