responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 527
زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ» ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ نَافِلَتَهُ وَأَصْلُهَا التَّسْبِيحُ، وَخُصَّتِ النَّافِلَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّ التَّسْبِيحَ الَّذِي فِي الْفَرِيضَةِ نَافِلَةٌ، فَقِيلَ لِصَلَاةِ النَّافِلَةِ سُبْحَةٌ لِأَنَّهَا كَالتَّسْبِيحِ فِي الْفَرِيضَةِ، قَالَ فِي التَّمْهِيدِ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يُفْتِي بِحَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا وَيَقُولُ: إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِ الضُّحَى قَطُّ وَإِنَّمَا كَانَ أَصْحَابُهُ يُصَلُّونَهَا بِالْهَوَاجِرِ وَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ يُصَلُّونَهَا وَلَا يَعْرِفُونَهَا.
(وَإِنِّي لَأَسْتَحِبُّهَا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدَّدَةِ.
قَالَ الْبَاجِيُّ: كَذَا رِوَايَةُ يَحْيَى.
وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: لَأُسَبِّحُهَا أَيْ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الثَّقِيلَةِ أَيْ أَتَنَفَّلُ بِهَا، قَالَ الْحَافِظُ: وَلِكُلٍّ وَجْهٌ، لَكِنَّ الثَّانِيَةَ تَقْتَضِي الْفِعْلَ بِخِلَافِ الْأُولَى فَلَا تَسْتَلْزِمُهُ، وَجَاءَ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ أَشْيَاءُ مُخْتَلِفَةٌ رَوَاهَا مُسْلِمٌ، فَلَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ «قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ» "، وَعِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذَةَ عَنْهَا: «كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ» " فَفِي الْأَوَّلِ نَفْيُ رُؤْيَتِهَا لِذَلِكَ مُطْلَقًا، وَفِي الثَّانِي تَقْيِيدُ النَّفْيِ بِغَيْرِ الْمَجِيءِ مِنْ مَغِيبِهِ، وَفِي الثَّالِثِ الْإِثْبَاتُ مُطْلَقًا، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَجَمَاعَةٌ إِلَى تَرْجِيحِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ عَنْهَا يَعْنِي حَدِيثَ مَالِكٍ هَذَا دُونَ مَا انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ وَقَالُوا: إِنَّ عَدَمَ رُؤْيَتِهَا لِذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْوُقُوعِ فَيُقَدِّمُ مَنْ رَوَى عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ الْإِثْبَاتَ انْتَهَى.
وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ: حَدِيثُ مُعَاذَةَ عَنْ عَائِشَةَ مُنْكَرٌ غَيْرُ صَحِيحٍ مَرْدُودٌّ بِحَدِيثِ الْبَابِ مَعْنَاهُ كَصِحَّةِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ تَضْعِيفَهُ الْحَقِيقِيُّ فَسَقَطَ تَعَجُّبُ السُّيُوطِيُّ مِنْهُ وَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ مَا فِي مُسْلِمٍ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى الْجَمْعِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: عِنْدِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهَا مَا رَأَيْتُهُ يُسَبِّحُهَا أَيْ يُدَاوِمُ عَلَيْهَا، وَقَوْلِهَا: وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا أَيْ أُدَاوِمُ عَلَيْهَا، وَكَذَا قَوْلُهَا: وَمَا أَحْدَثَ النَّاسُ شَيْئًا يَعْنِي الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهَا، قَالَ: وَفِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى ذَلِكَ قَالَ: (وَإِنْ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ مُخَفَّفَةٍ مِنَ الثَّقِيلَةِ أَيْ وَإِنَّهُ « (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدَعُ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ يَتْرُكُ (الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَهُ خَشْيَةَ) بِالنَّصْبِ أَيْ لِأَجْلِ خَشْيَةِ (أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضُ عَلَيْهِمْ) » بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى يَعْمَلُ وَلَيْسَ مُرَادُهَا تَرْكُهُ أَصْلًا وَقَدْ فَرَضَ عَلَيْهِ أَوْ نَدَبَهُ، بَلْ تَرَكَ أَمْرَهُمْ أَنْ يَعْمَلُوهُ مَعَهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُمْ لَمَّا اجْتَمَعُوا فِي رَمَضَانَ لِلتَّهَجُّدِ مَعَهُ لَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ فِي اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَّبَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَجَمَعَ ابْنُ حِبَّانَ بَيْنَ قَوْلِهَا: مَا كَانَ يُصَلِّي إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ، وَقَوْلِهَا: كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ بِأَنَّ الْأُولَى مَحْمُولَةٌ عَلَى صَلَاتِهِ إِيَّاهَا فِي الْمَسْجِدِ وَالثَّانِي عَلَى الْبَيْتِ، وَيُعَكِّرُ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 527
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست