responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 515
عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ وَعَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَا تَقْصُرُوا الصَّلَاةَ فِي أَدْنَى مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى عُسْفَانَ» "، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ مِنْ أَجْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " «لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي الْيَوْمِ وَلَا تُقْصَرُ فِيمَا دُونَ الْيَوْمِ» " وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ صَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ: " «تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِي مَسِيرِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» " وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّ مَسَافَةَ بُرُدٍ يُمْكِنُ سَيْرُهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.
(وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا تُقْصَرُ إِلَيَّ فِيهِ الصَّلَاةُ) مِنَ الْأَقْوَالِ الْمُنْتَشِرَةِ إِلَى نَحْوِ عِشْرِينَ قَوْلًا فَـ " أَحَبُّ " عَائِدٌ لِاخْتِيَارِهِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُقْصِرُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ، وَعَنْ مَالِكٍ مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: رَجَعَ عَنْهُ، قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَهُوَ وِفَاقٌ فَإِنَّمَا رَجَعَ عَنِ التَّحْدِيدِ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَى لَفْظٍ أَبْيَنَ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُقْصَرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: " «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» " وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمْ يُسَقْ لِبَيَانِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بَلْ لِنَهْيِ الْمَرْأَةِ عَنِ الْخُرُوجِ وَحْدَهَا وَلِذَا اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُ، فَرُوِيَ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَمَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ وَبَرِيدًا، وَأُيِّدَ بِأَنَّ الْحُكْمَ فِي نَهْيِ الْمَرْأَةِ عَنِ السَّفَرِ وَحْدَهَا مُتَعَلِّقٌ بِالزَّمَانِ فَلَوْ قَطَعَتْ مَسِيرَةَ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي يَوْمٍ لَتَعَلَّقَ بِهَا النَّهْيُ، بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ لَوْ قَطَعَ مَسِيرَةَ نِصْفِ يَوْمٍ فِي يَوْمَيْنِ مَثَلًا لَمْ يَقْصُرْ فَافْتَرَقَا عَلَى أَنَّ تَمَسُّكَ الْحَنَفِيَّةِ بِالْحَدِيثِ مُخَالِفٌ لِقَاعِدَتِهِمْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِرَأْيِ الصَّحَابِيِّ لَا بِمَا رُوِيَ، فَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ عَنْهُ لِبَيَانِ أَقَلِّ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمَا خَالَفَهُ وَقَصَرَ فِي مَسِيرِ الْيَوْمِ التَّامِّ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ: يُقْصِرُ فِي كُلِّ سَفَرٍ وَلَوْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} [النساء: 101] (سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ 101) وَلَمْ يُحَدِّدِ الْمَسَافَةَ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ أَنَسٍ: " «كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ قَصَرَ الصَّلَاةَ» " وَهُوَ أَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَأَصْرَحُهُ وَقَدْ حَمَلَهُ مَنْ خَالَفَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَسَافَةُ الَّتِي يُبْتَدَأُ مِنْهَا الْقَصْرُ لَا غَايَةُ السَّفَرِ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الْحَمْلِ، مَعَ أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَى أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَزِيدَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ وَكُنْتُ أَخْرُجُ إِلَى الْكُوفَةِ يَعْنِي مِنَ الْبَصْرَةِ فَأُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى أَرْجِعَ، فَقَالَ أَنَسٌ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَظَهَرَ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ جَوَازِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ لَا عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُبْتَدَأُ مِنْهُ الْقَصْرُ، ثُمَّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَسَافَةٍ بَلْ بِمُجَاوَزَةِ الْبَلَدِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ، وَرَدَّهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ فَإِنْ أَرَادَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي التَّحْدِيدِ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ فَمُسَلَّمٌ، لَكِنْ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ فِي التَّحْدِيدِ بِثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ أَمْيَالٍ مُنْدَرِجَةٌ فِيهَا فَيُؤْخَذُ بِالْأَكْثَرِ احْتِيَاطًا.
(قَالَ مَالِكٌ: لَا يَقْصُرُ الَّذِي يُرِيدُ السَّفَرَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ) كُلِّهَا وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 515
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست