responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 511
عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ عَزِيمَةٌ لَا رُخْصَةٌ وَاسْتَدَلَّ مُخَالِفُوهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] (سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ 101) لِأَنَّ نَفْيَ الْجُنَاحِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْعَزِيمَةِ، وَالْقَصْرَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ شَيْءٍ أَطْوَلَ مِنْهُ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ» " فَالْمَفْرُوضُ الْأَرْبَعُ إِلَّا أَنَّهُ رَخَّصَ بِأَدَاءِ رَكْعَتَيْنِ، وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَرْفُوعٍ وَبِأَنَّهَا لَمْ تَشْهَدْ زَمَانَ فَرْضِ الصَّلَاةِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ: قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ فَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ، وَعَلَى تَسْلِيمِ أَنَّهَا لَمْ تُدْرِكِ الْقِصَّةَ يَكُونُ مُرْسَلَ صَحَابِيٍّ وَهُوَ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا أَخَذَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ أَدْرَكَ ذَلِكَ، وَقَوْلُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ: لَوْ ثَبَتَ لَنُقِلَ مُتَوَاتِرًا فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، لِأَنَّ الْمُتَوَاتِرَ فِي مِثْلِ هَذَا لَا يَلْزَمُ، وَالَّذِي يَظْهَرُ وَبِهِ تَجْتَمِعُ الْأَدِلَّةُ أَنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمَغْرِبَ ثُمَّ زِيدَتْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ إِلَّا الصُّبْحَ، ثُمَّ بَعْدَ أَنِ اسْتَقَرَّ فَرْضُ الرُّبَاعِيَّةِ خُفِّفَ مِنْهَا فِي السَّفَرِ عِنْدَ نُزُولِ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ أَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ كَانَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ أَنَّ نُزُولَ آيَةِ الْخَوْفِ كَانَ فِيهَا.
وَذَكَرَ الدُّولَابِيُّ أَنَّ الْقَصْرَ كَانَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ.
وَذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ بِلَفْظِ: بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِعَامٍ أَوْ نَحْوِهُ وَقِيلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ بِقَوْلِ عَائِشَةَ: فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا آلَ إِلَيْهِ الْأَمْرُ مِنَ التَّخْفِيفِ لِأَنَّهَا اسْتَمَرَّتْ مُنْذُ فُرِضَتْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقَصْرَ عَزِيمَةٌ كَمَا يَقُولُهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَقَدْ أُلْزِمُوا عَلَى قَاعِدَتِهِمْ إِذَا عَارَضَ رَأْيُ الصَّحَابِيِّ رِوَايَتَهُ فَالْعِبْرَةُ عِنْدَهُمْ بِرَأْيِهِ لَا بِمَرْوِيِّهِ، وَخَالَفُوا ذَلِكَ، هُنَا فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُمْ أَنَّ عُرْوَةَ الرَّاوِي عَنْهَا قَالَ لَمَّا سَأَلَهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ إِتْمَامِهَا فِي السَّفَرِ: إِنَّهَا تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ، فَرِوَايَتُهَا صَحِيحَةٌ وَرَأْيُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَأَوَّلَتْ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَا تَأَوَّلَا فَقِيلَ: رَأَيَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَصَرَ أَخْذَا بِالْأَيْسَرِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أُمَّتِهِ فَأَخَذَا لِأَنْفُسِهِمَا بِالشِّدَّةِ، صَحَّحَهُ ابْنُ بَطَّالٍ وَجَمَاعَةٌ آخِرُهُمُ الْقُرْطُبِيُّ.
وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُتِمُّ فَإِذَا احْتَجُّوا عَلَيْهَا تَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي حَرْبٍ وَكَانَ يَخَافُ فَهَلْ تَخَافُونَ أَنْتُمْ؟ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عُرْوَةَ: " أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُصَلِّي فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا، فَقُلْتُ لَهَا: لَوْ صَلَّيْتِ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي إِنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيَّ "، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَأَوَّلَتْ أَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ وَأَنَّ الْإِتْمَامَ لِمَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ أَفْضَلُ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّ عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ رَأَيَا الْقَصْرَ جَائِزًا وَالْإِتْمَامَ جَائِزًا فَأَخَذَا بِأَحَدِ الْجَائِزَيْنِ وَهُوَ الْإِتْمَامُ انْتَهَى.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّهُ سَافَرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَكُلُّهُمْ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي السَّيْرِ وَفِي الْمَقَامِ بِمَكَّةَ» ، وَحَدِيثُ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 511
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست