responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 465
الْأَذَانَ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأْتِهَا وَلَوْ حَبْوًا» " وَحَمَلَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الْمَشْيُ وَحْدَهُ كَكَثِيرٍ مِنَ الْعُمْيَانِ، وَاحْتُجَّ بِهَذَا وَبِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ عَيْنٍ، إِذْ لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَمْ يُهَدَّدْ تَارِكُهَا بِالتَّحْرِيقِ، أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ لَكَانَتْ قَائِمَةً بِالرَّسُولِ وَمَنْ مَعَهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبُ الْأَوْزَاعِيُّ وَعَطَاءٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ حِبَّانَ، وَبَالَغَ دَاوُدُ وَأَتْبَاعُهُ فَجَعَلُوهَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَرَدَ بِأَنَّ الْوُجُوبَ قَدْ يَنْفَكُّ عَنِ الشَّرْطِيَّةِ وَلِذَا قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ غَيْرُ شَرْطٍ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِهِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْبَاقِينَ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَأَجَابُوا عَنْ ظَاهِرِ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ هَمَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، فَلَوْ كَانَتْ فَرْضَ عَيْنٍ لَمَا عَفَا عَنْهُمْ وَتَرَكَهُمْ، قَالَهُ عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ وَضَعَّفَهُ ابْنُ دَقِيقٍ الْعِيدُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَهُمُّ بِمَا يَجُوزُ فِعْلُهُ لَوْ فَعَلَهُ، وَالتَّرْكُ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمُ انْزَجَرُوا بِذَلِكَ وَتَرَكُوا التَّخَلُّفَ الَّذِي ذَمَّهُمْ بِسَبَبِهِ، عَلَى أَنَّهُ بَيَّنَ سَبَبَ التَّرْكِ فِيمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ الْمَقْبَرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: " «لَوْلَا مَا فِي الْبُيُوتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ لَأَقَمْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ وَأَمَرْتُ فِتْيَانِي يَحْرِقُونَ» " الْحَدِيثَ.
وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ الْحَدِيثَ دَالٌّ عَلَى أَنْ لَا وُجُوبَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَمَّ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الْمُتَخَلِّفِينَ، فَلَوْ كَانَتْ فَرْضَ عَيْنٍ لَمَا هَمَّ بِتَرْكِهَا إِذَا تَوَجَّهَ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ يَجُوزُ تَرْكُهُ لِمَا هُوَ أَوْجَبُ مِنْهُ، وَبِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ قَدْ يَتَدَارَكُهَا فِي جَمَاعَةٍ آخَرِينَ، وَأَجَابَ ابْنُ بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فَرْضًا لَقَالَ لَمَا تَوَعَّدَ عَلَيْهَا بِالْإِحْرَاقِ مِنْ تَخَلُّفٍ عَنِ الصَّلَاةِ لَمْ تُجِزْهُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْبَيَانِ، وَرَدَّهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ الْبَيَانَ قَدْ يَكُونُ بِالنَّصِّ وَقَدْ يَكُونُ بِالدَّلَالَةِ، فَلَمَّا قَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ إِلَخْ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْحُضُورِ، وَهُوَ كَافٍ فِي الْبَيَانِ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ: الْحَدِيثُ وَرَدَ مَوْرِدَ الزَّجْرِ وَحَقِيقَتُهُ لَيْسَتْ مُرَادَةٌ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ، وَيُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ وَعِيدُهُمْ بِعُقُوبَةِ الْكُفَّارِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ عُقُوبَةِ الْمُسْلِمِينَ بِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَنْعَ وَقَعَ بَعْدَ نَسْخِ التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ جَائِزًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ، فَلَا يَمْتَنِعُ حَمْلُ التَّهْدِيدِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، فَهَذِهِ أَجْوِبَةٌ أَرْبَعَةٌ.
خَامِسُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّهْدِيدِ قَوْمٌ تَرَكُوا الصَّلَاةَ رَأْسًا لَا مُجَرَّدَ الْجَمَاعَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ أَيْ لَا يَحْضُرُونَ، وَلِأَحْمَدَ: لَا يَشْهَدُونَ الْعِشَاءَ فِي الْجَمْعِ أَيِ الْجَمَاعَةِ، وَفِي ابْنِ مَاجَهْ عَنْ أُسَامَةَ مَرْفُوعًا: " «لَيَنْتَهِيَّنَّ رِجَالٌ عَنْ تَرْكِهِمُ الْجَمَاعَاتِ أَوْ لَأُحَرِّقَنَّ بُيُوتَهُمْ» "، سَادِسُهَا: أَنَّهُ وَرَدَ فِي الْحَثِّ عَلَى خِلَافِ فِعْلِ الْمُنَافِقِينَ وَالتَّحْذِيرِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِفِعْلِهِمْ لَا لِخُصُوصِ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ أَشَارَ إِلَيْهِ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ جَوَابِ الْبَاجِيِّ الْمُتَقَدِّمِ.
سَابِعُهَا: أَنَّهُ وَرَدَ فِي الْمُنَافِقِينَ فَلَيْسَ التَّهْدِيدُ لِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ بِخُصُوصِهِ فَلَا يَتِمُّ الدَّلِيلُ، وَرُدَّ بِاسْتِبْعَادِ الِاعْتِنَاءِ بِتَأْدِيبِ الْمُنَافِقِينَ عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ مَعَ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 465
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست