responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 418
وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» " (فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) أَيْ جَعَلَهُ إِمَامًا لَهُمْ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَاخْتَارَ أُبَيًّا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» " وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ "، وَقَالَ عُمَرُ: " عَلِيٌّ أَقْضَانَا وَأُبَيٌّ أَقْرَأُنَا وَإِنَّا لَنَتْرُكَ أَشْيَاءَ مِنْ قِرَاءَةِ أُبَيٍّ " (قَالَ) عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْقَارِيِّ: (ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصُلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ) أَيْ إِمَامِهِمْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فِيهِ أَنَّ عُمَرَ كَانَ لَا يُصَلِّي مَعَهُمْ إِمَّا لِشُغْلِهِ بِأُمُورِ النَّاسِ وَإِمَّا لِانْفِرَادِهِ بِنَفْسِهِ فِي الصَّلَاةِ (فَقَالَ عُمَرُ: نَعِمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ) وَصَفَهَا بِنِعْمَتْ لِأَنَّ أَصْلَ مَا فَعَلَهُ سُنَّةً وَإِنَّمَا الْبِدْعَةُ الْمَمْنُوعَةُ خِلَافَ السُّنَّةِ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي صَلَاةِ الضُّحَى: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} [الحديد: 27] (سُورَةُ الْحَدِيدِ: الْآيَةَ 27) وَأَمَّا ابْتِدَاعُ الْأَشْيَاءِ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا فَمُبَاحٌ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: نِعْمَتِ التَّاءُ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ لِأَنَّ نِعْمَ فِعْلٌ لَا يَتَّصِلُ بِهِ إِلَّا التَّاءُ وَفِي نُسَخٍ نِعْمَهْ بِالْهَاءِ وَذَلِكَ عَلَى أُصُولِ الْكُوفِيِّينَ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ النَّاسَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْبِدْعَةَ مَا ابْتَدَأَ بِفِعْلِهَا الْمُبْتَدَعِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْهُ غَيْرُهُ فَابْتَدَعَهُ عُمَرُ وَتَابَعَهُ الصَّحَابَةُ وَالنَّاسُ إِلَى هَلُمَّ جَرًّا، وَهَذَا يُبَيِّنُ صِحَّةَ الْقَوْلِ بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ انْتَهَى.
فَسَمَّاهَا بِدَعَةً لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسُنَّ الِاجْتِمَاعَ لَهَا وَلَا كَانَتْ فِي زَمَانِ الصِّدِّيقِ وَهُوَ لُغَةً مَا أُحْدِثَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ، وَتُطْلَقُ شَرْعًا عَلَى مُقَابِلِ السُّنَّةِ وَهِيَ مَا لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ تَنْقَسِمُ إِلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ، وَحَدِيثُ " «كُلُّ بِدْعَةِ ضَلَالَةٍ» " عَامٌّ مَخْصُوصٌ وَقَدْ رَغَّبَ فِيهَا عُمَرُ بُقُولِهِ: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ وَهِيَ كَلِمَةٌ تَجْمَعُ الْمَحَاسِنَ كُلَّهَا، كَمَا أَنَّ بِئْسَ تَجْمَعُ الْمَسَاوِيَ كُلَّهَا، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بِعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» " وَإِذَا أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ عُمَرَ زَالَ عَنْهُ اسْمُ الْبِدْعَةِ.
(وَالَّتِي تَنَامُونَ) بِفَوْقِيَّةٍ أَيِ الصَّلَاةَ وَتَحْتِيَّةٍ أَيِ الْفِرْقَةَ الَّتِي يَنَامُونَ (عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ) الصَّلَاةِ (الَّتِي تَقُومُونَ) بِفَوْقِيَّةٍ وَتَحْتِيَّةٍ أَيِ الْفِرْقَةَ الَّتِي كَسَابِقِهِ (يَعْنِي آخِرَ اللَّيْلِ) وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ آخِرَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَى الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ وَقَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي قَوْلِ يَعْقُوبَ: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} [يوسف: 98] (سُورَةُ يُوسُفَ: الْآيَةَ 98) أَخَّرَهُمْ إِلَى السَّحَرِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ.
وَيَأْتِي حَدِيثُ: " «يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ» " (وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ) ثُمَّ جَعَلَهُ عُمَرُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: دَعَانِي عُمَرُ أَتَغَذَّى مَعَهُ فِي رَمَضَانَ يَعْنِي السُّحُورَ فَسَمِعَ هَيْعَةَ النَّاسِ حِينَ انْصَرَفُوا مِنَ الْقِيَامِ فَقَالَ عُمَرُ: أَمَّا إِنَّ الَّذِي بَقِيَ مِنَ اللَّيْلِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا مَضَى مِنْهُ، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قِيَامَهُمْ كَانَ أَوَّلَ اللَّيْلِ ثُمَّ جَعَلَهُ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 418
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست