responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 413
فِيهَا عِنْدَ الْمُوَاظَبَةِ، فَتَرَكَ الْخُرُوجَ إِلَيْهِمْ لِئَلَّا يَدْخُلَ ذَلِكَ فِي الْوَاجِبِ بِطَرِيقِ الْأَمْرِ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ لَا مِنْ طَرِيقِ إِنْشَاءِ فَرْضٍ جَدِيدٍ زَائِدٍ عَلَى الْخَمْسِ، وَهَذَا كَمَا يُوجِبُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ صَلَاةَ نَذْرٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ زِيَادَةُ فَرْضٍ فِي أَصْلِ الشَّرْعِ، وَبِاحْتِمَالِ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا فَرَضَ الصَّلَاةَ خَمْسِينَ ثُمَّ حَطَّ مُعْظَمَهَا بِشَفَاعَةِ نَبِيِّهِ فَإِذَا عَادَتِ الْأُمَّةُ فِيمَا اسْتَوْهَبَ لَهَا وَالْتَزَمَتْ مَا اسْتَعْفَى لَهُمْ نَبِيُّهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُنْكِرْ أَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ فَرْضًا كَمَا الْتَزَمَ نَاسٌ الرَّهْبَانِيَّةَ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ عَابَ اللَّهُ التَّقْصِيرَ فِيهَا بِقَوْلِهِ: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27] (سُورَةُ الْحَدِيدِ: الْآيَةَ 27) فَخَشِيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَكُونَ سَبِيلُهُمْ سَبِيلَ أُولَئِكَ فَقَطَعَ الْعَمَلَ شَفَقَةً عَلَيْهِمُ انْتَهَى. وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّرَّاحِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَوُجُوبِ الِاقْتِدَاءِ بِأَفْعَالِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِي كُلٍّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ نِزَاعٌ.
وَجَوَابُ الْكِرْمَانِيِّ بِأَنَّ حَدِيثَ الْإِسْرَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَمْنُ مِنْ نَقْصِ شَيْءٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلزِّيَادَةِ، فِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ ذِكْرَ الْمُضَعَّفِ بِقَوْلِهِ: «هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ» إِشَارَةٌ إِلَى عَدَمِ الزِّيَادَةِ أَيْضًا لِأَنَّ التَّضْعِيفَ لَا يَنْقُصُ عَنِ الْعَشْرِ، وَدَفَعَ بَعْضُهُمْ فِي أَصْلِ السُّؤَالِ بِأَنَّ الزَّمَانَ قَابِلٌ لِلنَّسْخِ فَلَا مَانِعَ مِنْ خَشْيَةِ الِافْتِرَاضِ، فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ " {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: 29] " خَبَرٌ وَلَا يُدْخِلُهُ النَّسْخُ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَيْسَ كَقَوْلِهِ مَثَلًا: صُومُوا الدَّهْرَ أَبَدًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ النَّسْخُ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّهُ إِنْ وَاصَلَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ فَرَضَهَا عَلَيْهِمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ سَيُفْرَضُ عَلَيْهِمْ لِمَا جَرَتْ عَادَتُهُ بِأَنَّ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِمَاعِ فُرِضَ عَلَى أُمَّتِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ خَافَ أَنْ يَظُنَّ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ بَعْدَهُ إِذَا دَاوَمَ عَلَيْهَا وُجُوبَهَا، وَإِلَى الثَّالِثِ نَحَا الْقُرْطُبِيُّ فَقَالَ: قَوْلُهُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْكُمْ أَيْ تَظُنُّونَهُ فَرْضًا فَيَجِبُ مَنْ ظَنَّ ذَلِكَ كَمَا إِذَا ظَنَّ الْمُجْتَهِدُ حِلَّ شَيْءٍ أَوْ حُرْمَتَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ، وَقِيلَ: كَانَ حُكْمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا وَاظَبَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ وَاقْتَدَى النَّاسُ بِهِ فِيهِ أَنَّهُ يُفْرَضُ عَلَيْهِمُ اهـ.
وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ فَقَدْ وَاظَبَ عَلَى رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ وَتَابَعَهُ أَصْحَابُهُ وَلَمْ تُفْرَضْ.
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ هَذَا الْقَوْلَ صَدَرَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا كَانَ قِيَامُ اللَّيْلِ فَرْضًا عَلَيْهِ دُونَ أُمَّتِهِ فَخَشِيَ إِنْ خَرَجَ إِلَيْهِمْ وَالْتَزَمُوهُ مَعَهُ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ فِي حُكْمِهِ لِأَنَّ أَصْلَ الشَّرْعِ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ النَّبِيِّ وَأُمَّتِهِ فِي الْعِبَادَةِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ خَشِيَ مِنْ مُوَاظَبَتِهِمْ عَلَيْهَا أَنْ يَضْعُفُوا عَنْهَا فَيَعْصِي تَارِكُهَا بِتَرْكِ اتِّبَاعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ الْحَافِظُ: وَحَدِيثُ: «هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ» لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ يُدْفَعُ فِي صُدُورِ هَذِهِ الْأَجْوِبَةِ كُلِّهَا، وَقَدْ فَتَحَ الْبَارِي بِثَلَاثَةِ أَجْوِبَةٍ سِوَاهَا: أَحَدُهَا أَنَّهُ خَافَ جَعْلَ التَّهَجُّدِ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّنَفُّلِ بِاللَّيْلِ وَيُومِئُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: " «خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ» "

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 413
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست