responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 400
الِاجْتِهَادُ فِي الدُّعَاءِ فِي الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَسَبَقَ إِلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَهُوَ أَوْلَى فِي طَرِيقِ الْجَمْعِ، ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي بَعْدَ أَنْ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَى الْأَقْوَالِ فَنَذْكُرُهُ وَإِنْ طَالَ لِفَوَائِدِهِ لِأَنَّهُ كَمُؤَلَّفٍ مُسْتَقِلٍّ.
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ هَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ أَوْ رُفِعَتْ؟ وَعَلَى الْبَقَاءِ هَلْ هِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَوْ جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ؟ وَهَلْ هِيَ فِي وَقْتٍ مِنَ الْيَوْمِ مُعَيَّنٍ أَوْ مُبْهَمٍ؟ وَعَلَى التَّعْيِينِ هَلْ تَسْتَوْعِبُ الْوَقْتَ أَوْ تُبْهَمُ فِيهِ؟ وَعَلَى الْإِبْهَامِ مَا ابْتِدَاؤُهُ وَمَا انْتِهَاؤُهُ؟ وَعَلَى كُلِّ ذَلِكَ هَلْ تَسْتَمِرُّ أَوْ تَنْتَقِلُ؟ وَعَلَى الِانْتِقَالِ هَلْ تَسْتَغْرِقُ الْيَوْمَ أَوْ بَعْضَهُ؟ وَهَا أَنَا أَذْكُرُ تَلْخِيصَ مَا اتَّصَلَ إِلَيَّ مِنَ الْأَقْوَالِ مَعَ أَدِلَّتِهَا ثُمَّ أَعُودُ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهَا أَوِ التَّرْجِيحِ.
فَالْأَوَّلُ أَنَّهَا رُفِعَتْ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ قَوْمٍ وَزَيَّفَهُ، وَقَالَ عِيَاضٌ: رَدَّهُ السَّلَفُ عَلَى قَائِلِهِ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُخَنَّسَ مَوْلَى أَبِي مُعَاوِيَةَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ السَّاعَةَ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ رُفِعَتْ، فَقَالَ: كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، قُلْتُ: فَهِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، قَالَ: نَعَمْ إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
وَفِي الْهَدْيِ إِنْ أَرَادَ قَائِلُهُ أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُومَةً فَرُفِعَ عِلْمُهَا عَنِ الْأُمَّةِ فَصَارَتْ مُبْهَمَةً احْتُمِلَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ حَقِيقَتَهَا رُفِعَتْ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ.
الثَّانِي: أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ لَكِنْ فِي جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ قَالَهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ لِأَبِي هُرَيْرَةَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ، رَوَاهُ الْمُوَطَّأُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهَا مَخْفِيَّةٌ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ كَمَا أُخْفِيَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ، رَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ عَنْ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: «سَأَلْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا فَقَالَ: " أُعْلِمْتُهَا ثُمَّ أُنْسِيتُهَا كَمَا أُنْسِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ» ".
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ فِيهَا بِشَيْءٍ إِلَّا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ إِنْسَانًا قَسَّمَ جُمُعَةً فِي جُمَعٍ لَأَتَى عَلَى تِلْكَ السَّاعَةِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ فَيَدْعُو فِي جُمُعَةِ مِنَ الْجُمَعِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ فِي جُمُعَةٍ أُخْرَى يَبْتَدِئُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَى وَقْتٍ آخَرَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّهَارِ، قَالَ وَكَعْبٌ هَذَا هُوَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ، قَالَ وَرَوَيْنَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ طَلَبَ حَاجَةٍ فِي يَوْمٍ لَيَسِيرٌ. قَالَ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الدُّعَاءِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ كُلِّهِ لِيَمُرَّ بِالْوَقْتِ الَّذِي تُسْتَجَابُ فِيهِ الدُّعَاءُ اهـ.
وَالَّذِي قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ يَصْلُحُ لِمَنْ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَالَّذِي قَالَهُ كَعْبٌ سَهْلٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا كَانَا يَرَيَانِ أَنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ جَمْعٍ كَالرَّافِعِيِّ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا حَيْثُ قَالُوا: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَجَاءَ أَنْ يُصَادِفَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ، وَمِنْ حُجَّةِ هَذَا الْقَوْلِ تَشْبِيهُهَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَالِاسْمِ الْأَعْظَمِ وَحِكْمَةُ ذَلِكَ بَعْثُ الْعِبَادِ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي الطَّلَبِ وَاسْتِيعَابِ الْوَقْتِ بِالْعِبَادَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَحَقَّقَ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 400
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست