responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 393
حُكْمِ الْمُصَلِّي، فَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ ثَابِتًا لَاحْتَجَّ بِهِ لَكِنْ سَلَّمَ لَهُ الْجَوَابَ وَارْتَضَاهُ وَأَفْتَى بِهِ بَعْدَهُ، وَأَمَّا الْإِشْكَالُ عَلَى الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ حَالَ الْخُطْبَةِ كُلَّهُ وَلَيْسَتْ صَلَاةً عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَقَدْ أُجِيبَ عَنِ الْإِشْكَالِ بِحَمْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الدُّعَاءِ وَالِانْتِظَارِ وَبِحَمْلِ الْقِيَامِ عَلَى الْمُلَازَمَةِ أَوِ الْمُوَاظَبَةِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ حَالَ الْقِيَامِ فِي حَالِ الصَّلَاةِ غَيْرُ حَالِ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ مَعَ أَنَّ السُّجُودَ مَظِنَّةُ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْقِيَامِ حَقِيقَتَهُ لَأَخْرَجَهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَجَازُ الْقِيَامِ وَهُوَ الْمُوَاظَبَةُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: 75] (سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَةَ 75) فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّعْبِيرُ عَنِ الْمُصَلِّي بِالْقَائِمِ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ عَنِ الْكُلِّ بِالْجُزْءِ، وَالنُّكْتَةُ فِيهِ أَنَّهُ أَشْهَرُ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ اهـ.
وَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا لِأَنَّ الْحَدِيثَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي (وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا) تَرْغِيبًا فِيهَا وَحَضًّا عَلَيْهَا لِيَسَارَةِ وَقْتِهَا وَغَزَارَةِ فَضْلِهَا قَالَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنَيِّرِ وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " وَضَعَ أُنْمُلَتَهُ عَلَى بَطْنِ الْوُسْطَى وَالْخِنْصَرَ قُلْنَا يُزَهِّدُهَا " وَبَيَّنَ أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ أَنَّ الَّذِي وَضَعَ هُوَ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ رَاوِيهِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ وَكَأَنَّهُ فَسَّرَ الْإِشَارَةَ بِذَلِكَ، وَأَنَّهَا سَاعَةٌ لَطِيفَةٌ تَنْتَقِلُ مَا بَيْنَ وَسَطِ النَّهَارِ إِلَى قُرْبِ آخِرِهِ وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ يُزَهِّدُهَا أَيْ يُقَلِّلُهَا.
وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ.
وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: وَهِيَ قَدْرُ هَذَا يَعْنِي قَبْضَهُ، وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِاخْتِصَاصِهِ بِسَاعَةِ الْإِجَابَةِ وَأَنَّهَا أَفْضَلُ سَاعَاتِهِ.
قَالَ الْبَاجِيُّ: وَالْفَضَائِلُ لَا تُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَإِنَّمَا فِيهَا التَّسْلِيمُ وَفِيهِ فَضْلُ الدُّعَاءِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهُ، قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنَيِّرِ: وَإِذَا عَلِمَ أَنَّ فَائِدَةَ إِبْهَامِ هَذِهِ السَّاعَةِ وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ بَعْثُ الدَّوَاعِي عَلَى الْإِكْثَارِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَلَوْ بَيَّنَ لَاتَّكَلَ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ وَتَرَكُوا مَا عَدَاهَا، فَالْعَجَبُ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّنْ يَجْتَهِدُ فِي طَلَبِ تَحْدِيدِهَا اهـ.
فَإِنْ قِيلَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ حُصُولُ الْإِجَابَةِ لِكُلِّ دَاعٍ بِشَرْطِهِ مَعَ أَنَّ الزَّمَانَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْمُصَلِّي فَيَتَقَدَّمُ بَعْضٌ عَلَى بَعْضٍ وَسَاعَاتُ الْإِجَابَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْوَقْتِ فَكَيْفَ تَتَّفِقُ مَعَ الِاخْتِلَافِ؟ بِاحْتِمَالِ أَنَّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلِ كُلِّ مُصَلٍّ كَمَا قِيلَ نَظِيرُهُ فِي سَاعَةِ الْكَرَاهَةِ، وَلَعَلَّ هَذَا فَائِدَةُ جَعْلِ الْوَقْتِ الْمُمْتَدِّ مَظِنَّةً لَهَا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ خَفِيفَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَبَّرَ عَنِ الْوَقْتِ بِالْفِعْلِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ وَقْتَ جَوَازِ الْخُطْبَةِ أَوِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى بَقَاءِ الْإِجْمَالِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي بَقَاءِ الْإِجْمَالِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لَا فِي الْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ كَوَقْتِ السَّاعَةِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي إِجْمَالِهِ، وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ الْمُتَعَلِّقُ بِسَاعَةِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَهُوَ تَحْصِيلُ الْأَفْضَلِيَّةِ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إِلَيْهِ وَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ بِاسْتِيعَابِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَلَمْ يَبْقَ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ إِجْمَالٌ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ،

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 393
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست