responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 378
الْوُضُوءِ، وَلِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقٌ أَشْهَرُهَا وَأَقْوَاهَا رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَخْرَجَهَا أَصْحَابُ السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَلَهُ عِلَّتَانِ: إِحْدَاهُمَا عَنْعَنَةُ الْحَسَنِ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ.
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ وَالْبَزَّارُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَابْنُ عَدِيٍّ عَنْ جَابِرٍ وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، وَعَارَضُوا أَيْضًا بِأَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: " «أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ وَأَنْ يَسْتَنَّ وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إِنْ وَجَدَ» " قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ظَاهِرُهُ وُجُوبُ الِاسْتِنَانِ وَالطِّيبِ لِذِكْرِهِمَا بِالْعَاطِفِ وَالتَّقْدِيرُ الْغُسْلُ وَاجِبٌ وَالِاسْتِنَانُ وَالطِّيبُ كَذَلِكَ وَلَيْسَا بِوَاجِبَيْنِ اتِّفَاقًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، إِذْ لَا يَصِحُّ تَشْرِيكُ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ مَعَ الْوَاجِبِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَطْفُ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْوَاجِبِ لَا سِيَّمَا وَلَمْ يَقَعِ التَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْمَعْطُوفِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنَيِّرِ: إِنْ سَلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَاجِبِ الْفَرْضُ لَمْ يَنْفَعْ دَفْعُهُ بِعَطْفِهِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ لِإِمْكَانِ أَنَّهُ خَرَجَ بِدَلِيلٍ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ، عَلَى أَنَّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ فِي الطِّيبِ مَرْدُودَةٌ، فَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي جَامِعِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُوجِبُ الطِّيبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ، وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " مَنْ «تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ» " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ذَكَرَ الْوُضُوءَ وَمَا مَعَهُ مُرَتِّبًا عَلَيْهِ الثَّوَابَ الْمُقْتَضِي لِلصِّحَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ كَافٍ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَفْيُ الْغُسْلِ وَقَدْ وَرَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ مَنِ اغْتَسَلَ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذِكْرَ الْوُضُوءَ لِمَنْ تَقَدَّمَ غُسْلُهُ عَلَى الذَّهَابِ فَاحْتَاجَ إِلَى إِعَادَةِ الْوُضُوءِ، وَمِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوَاجِبٌ هُوَ؟ فَقَالَ لَا وَلَكِنَّهُ أَطْهَرُ لِمَنِ اغْتَسَلَ وَمَنْ لَمْ يَغْتَسِلْ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ بَدْءِ الْغُسْلِ كَانَ النَّاسُ مَجْهُودِينَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَيَعْمَلُونَ وَكَانَ مَسْجِدُهُمْ ضَيِّقًا فَلَمَّا آذَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّهَا النَّاسُ إِذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمُ فَاغْتَسِلُوا» .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمَّ جَاءَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ وَلَبِسُوا غَيْرَ الصُّوفِ وَكَفُّوا الْعَمَلَ وَوَسِعَ الْمَسْجِدُ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالطَّحَاوِيُّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، لَكِنَّ الثَّابِتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُهُ فَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ طَاوُسٍ «قُلْتُ: " لِابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرُوا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: اغْتَسِلُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْسِلُوا رُءُوسَكُمْ وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا جُنُبًا وَأَصِيبُوا مِنَ الطِّيبِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا الْغُسْلُ فَنَعَمْ، وَمَا الطِّيبُ فَلَا أَدْرِي» " وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَالْمَرْفُوعُ مِنْهُ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ الدَّالِّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَأَمَّا نَفْيُ الْوُجُوبِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ لِأَنَّهُ مِنِ اسْتِنْبَاطِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ نَظَرٌ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ زَوَالِ السَّبَبِ زَوَالُ الْمُسَبِّبِ كَمَا فِي الرَّمْلِ وَالْجِمَارِ، وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَلِمَنْ قَصَرَ الْوُجُوبَ عَلَى مَنْ بِهِ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ، وَهَذَا

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 378
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست