responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 353
مَا قَصُرَتِ الصَّلَاةُ وَمَا نَسِيتُ» ) فَصَرَّحَ بِنَفْيِهِمَا مَعًا عَنْهُ، وَهُوَ يُفَسِّرُ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، مِنْ أَنَّهُ نَفْيٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا لِمَجْمُوعِهِمَا وَلِذَا أَجَابَهُ ( «فَقَالَ ذُو الشِّمَالَيْنِ: قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ» ) وَفِي رِوَايَةٍ: " بَلَى قَدْ نَسِيتَ "، لِأَنَّهُ لَمَّا نَفَى الْأَمْرَيْنِ وَكَانَ مُقَرَّرًا عِنْدَ الصَّحَابِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّهْوُ عَلَيْهِ فِي الْأُمُورِ الْبَلَاغِيَّةِ جَزَمَ بِوُقُوعِ النِّسْيَانِ لَا الْقَصْرِ، وَفَائِدَةُ جَوَازِ السَّهْوِ فِي مِثْلِ هَذَا بَيَانُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ إِذَا وَقَعَ مِثْلُهُ لِغَيْرِهِ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ جَوَّزَ السَّهْوَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ فِيمَا طَرِيقُهُ التَّشْرِيعُ وَلَكِنْ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَنْ مَنَعَ السَّهْوَ مُطْلَقًا فَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ نَفْيُ النِّسْيَانِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ السَّهْوِ، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مَرْدُودٌ وَيَكْفِي فِيهِ قَوْلُهُ: بَلَى قَدْ نَسِيتَ، وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَبِأَنَّ قَوْلَهُ: وَمَا نَسِيتُ، عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَقِيقَتِهِ، وَكَانَ يَتَعَمَّدُ مَا يَقَعُ مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ لِيَقَعَ لِلتَّشْرِيعِ بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنَ الْقَوْلِ، وَبِأَنَّ مَعْنَى وَمَا نَسِيتُ أَيْ فِي اعْتِقَادِي لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الِاعْتِقَادَ عِنْدَ فَقْدِ الْيَقِينِ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَتُعُقِّبَ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ: " «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ» " فَأَثْبَتَ الْعِلَّةَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِإِثْبَاتِ وَصْفِ النِّسْيَانِ حَتَّى دَفَعَ قَوْلَ مَنْ عَسَاهُ يَقُولُ لَيْسَ نِسْيَانُهُ كَنِسْيَانِنَا فَقَالَ: كَمَا تَنْسَوْنَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ: مَا نَسِيتُ إِنْكَارٌ لِلَّفْظِ الَّذِي نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ قَالَ: إِنِّي لَا أَنْسَى وَلَكِنْ أُنَسَّى، وَإِنْكَارُ اللَّفْظِ الَّذِي أَنْكَرَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ: «بِئْسَمَا لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَذَا وَكَذَا» ، وَتَعَقَّبُوا هَذَا أَيْضًا بِأَنَّ حَدِيثَ «إِنِّي لَا أَنْسَى» مِنْ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ الَّتِي لَمْ تُوجَدْ مَوْصُولَةً، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَمِّ إِضَافَةِ نِسْيَانِ الْآيَةِ ذَمُّ إِضَافَةِ كُلِّ شَيْءٍ، فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ جِدًّا، وَقِيلَ: قَوْلُهُ: وَمَا نَسِيتُ رَاجِعٌ إِلَى السَّلَامِ أَيْ سَلَّمْتُ قَصْدًا بَانِيًا عَلَى اعْتِقَادِي أَنِّي صَلَّيْتُ أَرْبَعًا وَهَذَا جَيِّدٌ، فَإِنَّ ذَا الْيَدَيْنِ فَهِمَ الْعُمُومَ فَقَالَ: «بَلَى قَدْ نَسِيتَ» ، فَأَوْقَعَ قَوْلُهُ شَكًّا احْتَاجَ مَعَهُ إِلَى الِاسْتِثْبَاتِ مِنَ الْحَاضِرِينَ.
( «فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ» ) صَدَقَ لَمْ تُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ إِيرَادُ مَنِ اسْتَشْكَلَ كَوْنَ ذِي الْيَدَيْنِ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ بِمُفْرَدِهِ، فَسَبَبُ التَّوَقُّفِ فِيهِ كَوْنُهُ أَخْبَرَ بِأَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ الْمَسْئُولِ مُغَايِرٍ لِمَا فِي اعْتِقَادِهِ، وَبِهَذَا أُجِيبَ عَمَّنْ قَالَ: مَنْ أَخْبَرَ بِأَمْرٍ حِسِّيٍّ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ التَّوَاطُؤُ وَلَا حَامِلَ لَهُمْ عَلَى السُّكُوتِ عَنْهُ، ثُمَّ لَمْ يُكَذِّبُوهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ بِصِدْقِهِ فَإِنَّ سَبَبَ عَدَمِ الْقَطْعِ كَوْنُ خَبَرِهِ مُعَارَضًا بِاعْتِقَادِ الْمَسْئُولِ خِلَافَ مَا أَخْبَرَ بِهِ، وَفِيهِ أَنَّ الثِّقَةَ إِذَا انْفَرَدَ بِزِيَادَةِ خَبَرٍ وَكَانَ الْمَحَلُّ مُتَّحِدًا وَمَنَعَتِ الْعَادَةُ غَفْلَتَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ.
( «فَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَقِيَ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 353
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست