responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 350
( «فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَمَّ» ) بِشَدِّ الْمِيمِ كَمَّلَ (مَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ) وَهُوَ الرَّكْعَتَانِ (ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ) لِلسَّهْوِ مِثْلَ سُجُودِهِ لِلصَّلَاةِ أَوْ أَطْوَلَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ قَبْلَهُ (بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَهُوَ جَالِسٌ) فَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِنَّمَا يَرْجِعُ عَنْ يَقِينِهِ لِكَثْرَةِ الْمَأْمُومِينَ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَّا بِإِخْبَارِ الْجَمِيعِ، وَجَوَازُ الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ لِمَنْ أَتَى بِالْمُنَافِي سَهْوًا.
وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنَّمَا: يَبْنِي مَنْ سَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ بِهِ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ، وَأُلْزِمَ بِقَصْرِ ذَلِكَ عَلَى إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ فَيَمْنَعُهُ مَثَلًا فِي الصُّبْحِ، وَالَّذِينَ قَالُوا يَجُوزُ الْبِنَاءُ مُطْلَقًا قَيَّدُوهُ بِمَا إِذَا لَمْ يَطُلِ الْفَصْلُ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الطُّولِ فَقِيلَ بِالْعُرْفِ أَوِ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ أَوْ قَدْرِ رَكْعَةٍ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَدْرُ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا السَّهْوُ، وَفِيهِ أَنَّ السَّلَامَ وَنِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنَ الصَّلَاةِ سَهْوًا لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ إِذَا كَانَ لِزِيَادَةٍ لِأَنَّهُ زَادَ السَّلَامَ وَالْكَلَامَ، وَأَنَّ الْكَلَامَ سَهْوًا لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَزَعْمُ بَعْضِهِمْ أَنَّ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ كَانَتْ قَبْلَ نَسْخِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ ضَعِيفٌ، فَقَدْ ثَبَتَ شُهُودُ أَبِي هُرَيْرَةَ لِلْقِصَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَشَهِدَهَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ، وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ خُدَيْجٍ بِمُهْمَلَةٍ وَجِيمٍ مُصَغَّرٌ قِصَّةً أُخْرَى فِي السَّهْوِ وَوَقَعَ فِيهَا الْكَلَامُ ثُمَّ الْبِنَاءُ أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمَا وَكَانَ إِسْلَامُهُ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَهْرَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ أَيْ إِلَّا إِذَا وَقَعَ عَمْدًا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ فَلَا يُعَارِضُ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ، وَفِيهِ أَنَّ تَعَمُّدَ الْكَلَامِ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا تَكَلَّمَ نَاسِيًا، وَأَمَّا قَوْلُ ذِي الْيَدَيْنِ لَهُ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ، أَوْ بَلَى قَدْ نَسِيتَ، وَقَوْلُ الصَّحَابَةِ لَهُ صَدَقَ فَإِنَّهُمْ تَكَلَّمُوا مُعْتَقِدِينَ لِلنَّسْخِ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ فِيهِ، فَتَكَلَّمُوا ظَنًّا أَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي صَلَاةٍ كَذَا قِيلَ وَهُوَ فَاسِدٌ، لِأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا بَعْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ تُقْصَرْ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْطِقُوا وَإِنَّمَا أَوْمَأُوا كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ إِطْلَاقُ الْقَوْلِ عَلَى الْإِشَارَةِ مَجَازٌ سَائِغٌ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ رِوَايَاتِ الْأَكْثَرِينَ، وَبِقَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ: بَلَى قَدْ نَسِيتَ أَوْ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ، فَنُرَجِّحُ كَوْنَهُمْ نَطَقُوا وَانْفَصَلَ عَنْهُ مَنْ قَالَ كَأَنَّ نُطْقَهُمْ جَوَابًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَوَابُهُ لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ، وَفِيهِ أَنَّ الْيَقِينَ لَا يُتْرَكُ إِلَّا بِالْيَقِينِ لِأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ كَانَ عَلَى يَقِينٍ أَنَّهَا أَرْبَعٌ، فَلَمَّا اقْتَصَرَ عَلَى اثْنَيْنِ سَأَلَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ سُؤَالَهُ، وَإِنَّ الظَّنَّ قَدْ يَصِيرُ يَقِينًا بِخَبَرِ أَهْلِ الصِّدْقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَعَ لِخَبَرِ الْجَمَاعَةِ، وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَأْمُومِينَ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَلَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ إِذَا كَثُرُوا جِدًّا بِحَيْثُ يُفِيدُ خَبَرُهُمُ الْعِلْمَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا، وَفِيهِ غَيْرُ هَذَا مِمَّا يَطُولُ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 350
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست