responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 322
رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ» ) الْفَاتِحَةُ لِأَنَّهَا أَصْلُهُ أَوْ لِتَقَدُّمِهَا عَلَيْهِ كَأَنَّهَا تَؤُمُّهُ، أَوْ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْمَعَانِي الَّتِي فِيهِ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَالتَّعَبُّدِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَذِكْرِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ، وَالْفِعْلِ وَالْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ وَالْمَعَاشِ بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ.
وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ كَرِهَ تَسْمِيَتَهَا أُمَّ الْقُرْآنِ، وَلَعَلَّهُ وَقَفَ عِنْدَ لَفْظِ أُمِّ، وَإِذَا ثَبَتَ النَّصُّ النَّبَوِيُّ سَقَطَ مَا دُونَهُ.
( «فَهِيَ خِدَاجٌ» ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَدَالٌ مُهْمَلَةٍ فَأَلِفٌ فَجِيمٌ، أَيْ ذَاتُ خِدَاجٍ، أَيْ نُقْصَانٍ ( «هِيَ خِدَاجٌ هِيَ خِدَاجٌ» ) ذَكَرَهُ ثَلَاثًا لِلتَّأْكِيدِ، يُقَالُ: خَدَجَتِ النَّاقَةُ إِذَا أَلْقَتْ وَلَدَهَا قَبْلَ أَوَانِ النِّتَاجِ، وَإِنْ كَانَ تَامَّ الْخَلْقِ، وَأَخْدَجَتْهُ إِذَا وَلَدَتْهُ نَاقِصًا، وَإِنْ كَانَ لِتَمَامِ الْوِلَادَةِ، هَذَا قَوْلُ الْخَلِيلِ وَالْأَصْمَعِيِّ وَأَبِي حَاتِمٍ وَآخَرِينَ.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ: خَدَجَتْ وَأَخْدَجَتْ إِذَا وَلَدَتْ لِغَيْرِ تَمَامٍ.
(غَيْرُ تَمَامٍ) تَأْكِيدٌ فَهُوَ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى وُجُوبِ قِرَاءَتِهَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ، لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى الْإِمَامِ وَالْفَذِّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَزَعَمَ مَنْ لَمْ يُوجِبْ قِرَاءَتَهَا فِي الصَّلَاةِ أَنَّ قَوْلَهُ خِدَاجٌ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهَا لِأَنَّ الصَّلَاةَ النَّاقِصَةَ جَائِزَةٌ، وَهَذَا تَحَكُّمٌ فَاسِدٌ، لِأَنَّ النَّاقِصَ لَمْ يَتِمَّ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ صَلَاتِهِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهَا، فَعَلَيْهِ إِعَادَتُهَا تَامَّةً كَمَا أُمِرَ، وَمَنِ ادَّعَى أَنَّهَا تَجُوزُ مَعَ إِقْرَارِهِ بِنَقْصِهَا فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ.
(قَالَ) أَبُو السَّائِبِ (فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنِّي أَحْيَانًا أَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ قَالَ: فَغَمَزَ ذِرَاعِي) قَالَ الْبَاجِيُّ: هُوَ عَلَى مَعْنَى التَّأْنِيسِ لَهُ وَتَنْبِيهِهِ عَلَى فَهْمِ مُرَادِهِ، وَالْبَعْثِ لَهُ عَلَى جَمْعِ ذِهْنِهِ وَفَهْمِهِ لِجَوَابِهِ.
(ثُمَّ قَالَ: اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ يَا فَارِسِيُّ) قَالَ الْبَاجِيُّ: أَيْ بِتَحْرِيكِ اللِّسَانِ بِالْكَلِمِ، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ، رَوَاهُ سَحْنُونٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ: وَلَوْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ يَسِيرًا كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ.
وَقَالَ عِيسَى وَابْنُ نَافِعٍ: لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى قَوْلِهِ: اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إِجْرَاءَهَا عَلَى قَلْبِهِ دُونَ أَنْ يَقْرَأَهَا بِلِسَانِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِقِرَاءَةٍ لِجَوَازِهِ لِلْجُنُبِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ تَدَبُّرُهَا إِذَا سَمِعْتَ الْإِمَامَ يَقْرَؤُهَا.
(فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ» ) أَيِ الْفَاتِحَةَ، سُمِّيَتْ صَلَاةً؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بِهَا، كَقَوْلِهِ: «الْحَجُّ عَرَفَةُ» ، أَوْ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الدُّعَاءِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: أَيْ قِرَاءَتُهَا بِدَلِيلِ تَفْسِيرِهِ بِهَا.
وَقَالَ غَيْرُهُ: الصَّلَاةُ مِنْ أَسْمَاءِ الْفَاتِحَةِ فَهِيَ الْمَعْنِيَّةُ فِي الْحَدِيثِ، وَالْمُرَادُ قِسْمَتُهَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ نِصْفَهَا الْأَوَّلَ تَحْمِيدٌ لِلَّهِ، وَتَمْجِيدٌ وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ وَتَفْوِيضٌ إِلَيْهِ، وَالنِّصْفُ الثَّانِي سُؤَالٌ وَتَضَرُّعٌ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 322
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست