responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 312
وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ: «كَانُوا يُسِرُّونَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» ، فَانْدَفَعَ بِهَذَا مَنْ أَعَلَّهُ بِالِاضْطِرَابِ كَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ إِذَا أَمْكَنَ تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ انْتَهَى.
وَلَا يَخْفَى تَعَسُّفُهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ رِوَايَةَ كَانُوا يَجْهَرُونَ وَرِوَايَةَ كَانُوا لَا يَتْرُكُونَهَا، إِذْ جَمْعُهُ لَا يُمْكِنُ مَعَهُمَا، فَالْحَقُّ مَعَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَمَنْ وَافَقَهُ، ثُمَّ كَيْفَ يُحْمَلُ نَفْيُ السَّمَاعِ عَلَى نَفْيِ الْجَهْرِ، وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ مَنْ أَثْبَتَهُ مَعَ كَوْنِ أَنَسٍ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرَ سِنِينَ، ثُمَّ صَحِبَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فَلَا يَسْمَعُ الْجَهْرَ بِهَا مِنْهُمْ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذَا مِنَ الْبُعْدِ بِمَكَانٍ، وَتَأْيِيدُهُ بِمَا جَاءَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ يَزِيدَ سَأَلَ أَنَسًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ لَا أَحْفَظُهُ، وَلَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ، رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ، وَبِهِ أُعِلَّ حَدِيثُ الْبَابِ لَيْسَ بِنَاهِضٍ؛ لِأَنَّ أَحْمَدَ رَوَى بِإِسْنَادِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ قَتَادَةَ سَأَلَ أَنَسًا مِثْلَ سُؤَالِ سَعِيدٍ، فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ يَكُونُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» .
وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَالسَّرَّاجُ وَغَيْرُهُمَا.
وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ: " «سَأَلْتُ أَنَسًا أَيَقْرَأُ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؟ فَقَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» " وَجُمِعَ بَيْنِهِمَا بِأَنَّهُ أَجَابَ قَتَادَةَ بِالْحُكْمِ دُونَ سَعِيدٍ، فَلَعَلَّهُ تَذَكَّرَهُ لَمَّا سَأَلَهُ قَتَادَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ وَقَالَهُ لَهُمَا مَعًا فَحَفِظَهُ قَتَادَةُ دُونَ سَعِيدٍ فَإِنَّ قَتَادَةَ أَحْفَظُ مِنْهُ بِلَا نِزَاعٍ.
وَالْإِنْصَافُ قَوْلُ السُّيُوطِيِّ قَدْ كَثُرَتِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْبَسْمَلَةِ إِثْبَاتًا وَنَفْيًا، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ صَحِيحٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ بِهَا وَتَرَكَهَا وَجَهَرَ بِهَا وَأَخْفَاهَا، وَالَّذِي يُوَضِّحُ صِحَّةَ الْأَمْرَيْنِ وَيُزِيلُ إِشْكَالَ مَنْ شَكَّكَ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ مَعًا أَعْنِي مَنْ أَثْبَتَ أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ، وَكُلِّ سُورَةٍ، وَمَنْ نَفَى ذَلِكَ قَائِلًا إِنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ بِالظَّنِّ وَلَا يُنْفَى بِالظَّنِّ، مَا أَشَارَ إِلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ إِثْبَاتَهَا وَنَفْيَهَا كِلَاهُمَا قَطْعِيٌّ وَلَا يُسْتَغْرَبُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، وَنَزَلَ مَرَّاتٍ مُتَكَرِّرَةً، فَنَزَلَ فِي بَعْضِهَا بِزِيَادَةٍ وَفِي بَعْضِهَا بِحَذْفٍ، كَقِرَاءَةِ مَلِكٍ وَمَالِكٍ، وَتَجْرِي تَحْتَهَا، وَمِنْ تَحْتِهَا فِي بَرَاءَةٍ، وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ، وَأَنَّ اللَّهَ الْغَنِيُّ فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ، فَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ وَلَا يَرْتَابُ فِي أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ، وَمَنَ وَهُوَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مُتَوَاتِرَةٌ قَطْعِيَّةُ الْإِثْبَاتِ، وَأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِحَذْفِ ذَلِكَ أَيْضًا مُتَوَاتِرَةٌ قَطْعِيَّةُ الْحَذْفِ، وَأَنَّ مِيزَانَ الْإِثْبَاتِ وَالْحَذْفِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْبَسْمَلَةِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي بَعْضِ الْأَحْرُفِ وَلَمْ تَنْزِلْ فِي بَعْضِهَا، فَإِثْبَاتُهَا قَطْعِيٌّ وَحَذْفُهَا قَطْعِيٌّ، وَكُلٌّ مُتَوَاتِرٌ وَكُلٌّ فِي السَّبْعِ، فَإِنَّ نِصْفَ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ قَرَؤُوا بِإِثْبَاتِهَا وَنَصِفُهُمْ قَرَؤُوا بِحَذْفِهَا، وَقِرَاءَاتُ السَّبْعَةِ كُلُّهَا مُتَوَاتِرَةٌ، فَمَنْ قَرَأَ بِهَا فَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي حَرْفِهِ مُتَوَاتِرَةٌ إِلَيْهِ ثُمَّ مِنْهُ إِلَيْنَا، وَمَنْ قَرَأَ بِحَذْفِهَا فَحَذْفُهَا فِي حَرْفِهِ مُتَوَاتِرٌ إِلَيْهِ ثُمَّ مِنْهُ إِلَيْنَا، وَالْعَطْفُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 312
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست