responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 304
أَيْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ (يَقْرَأُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَفِيهِ الْتِفَاتٌ مِنَ الْحَاضِرِ إِلَى الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ سَمِعَتْنِي وَأَنَا أَقْرَأُ.
{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} [المرسلات: 1] أَيِ الرِّيَاحَ مُتَتَابِعَةً كَعُرْفِ الْفَرَسِ يَتْلُو بَعْضُهُ بَعْضًا، وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ.
(فَقَالَتْ لَهُ: يَا بُنَيَّ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ مُصَغَّرٌ (لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي) بِشَدِّ الْكَافِ شَيْئًا نَسِيتُهُ (بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ) مَنْصُوبٌ بِقِرَاءَةٍ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَبِذَكَّرْتَنِي عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ.
( «إِنَّهَا لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ» ) زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ، مِنْ رِوَايَةِ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ: ثُمَّ مَا صَلَّى لَنَا بَعْدَهَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ.
وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَصْحَابِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ كَانَتِ الظُّهْرَ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنِ الَّتِي حَكَتْهَا عَائِشَةُ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ، وَالَّتِي حَكَتْهَا أُمُّ الْفَضْلِ كَانَتْ فِي بَيْتِهِ، كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ: " «خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَاصِبٌ رَأْسَهُ فِي مَرَضِهِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ» " الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهَا خَرَجَ إِلَيْنَا أَيْ مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي كَانَ رَاقِدًا فِيهِ إِلَى مَنْ فِي الْبَيْتِ فَصَلَّى بِهِمْ فَتَلْتَئِمُ الرِّوَايَاتُ، قَالَهُ الْحَافِظُ.
وَاسْتُدِلَّ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى امْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ، وَعَلَى جَوَازِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا بِغَيْرِ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ «عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ؟» تَأْنِيثُ أَطْوَلَ، وَالطُّولَيَيْنِ بِتَحْتِيَّةٍ تَثْنِيَةُ طُولَى أَيْ بِأَطْوَلِ السُّورَتَيْنِ الطَّوِيلَتَيْنِ.
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِيهَا بِسُورَةِ الْأَعْرَافِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا.
وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَلَى تَفْسِيرِ الطُّولَى بِالْأَعْرَافِ، وَفِي تَفْسِيرِ الْأُخْرَى بِالْمَائِدَةِ وَالْأَنْعَامِ وَيُونُسَ رِوَايَاتٌ الْمَحْفُوظُ مِنْهَا الْأَنْعَامُ.
وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ فُلَانٍ، قَالَ سُلَيْمَانُ: فَكَانَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَفِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ» " أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْيَانًا يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمَغْرِبِ إِمَّا لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَإِمَّا لِلْعِلْمِ بِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ جُبَيْرٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَكَرَّرَ مِنْهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِذَلِكَ؛ لِكَوْنِهِ أَنْكَرَ عَلَى مَرْوَانَ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَلَوْ عَلِمَ مَرْوَانُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاظَبَ عَلَى ذَلِكَ لَاحْتَجَّ بِهِ عَلَى زَيْدٍ، لَكِنْ لَمْ يُرِدْ زَيْدٌ مِنْهُ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالطِّوَالِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ مِنْهُ أَنْ يَتَعَاهَدَ ذَلِكَ كَمَا رَآهُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الصِّحَّةِ بِأَطْوَلَ مِنَ الْمُرْسَلَاتِ، لِكَوْنِهِ حَالَ شِدَّةِ مَرَضِهِ وَهُوَ مَظِنَّةُ التَّخْفِيفِ، وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى أَبِي دَاوُدَ ادِّعَاءَ نَسْخِ التَّطْوِيلِ ; لِأَنَّهُ رَوَى عَقِبَ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالْقِصَارِ، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 304
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست